السبت، 18 يوليو 2009

الالهة ايزيس معبودة اوربا

قراءة جديدة فى اوراق قديمة
عندما كانت ايزيس معبودة اوربا
وصاحبة لاهوتها الدينى
فتش فى الاوراق : عبدالمنعم عبدالعظيم
تعد اسطورة ايزيس واوزوريس اقدم اسطورة فى التاريخ المصرى القديم والتاريخ الانسانى عموما ويرى بعض العلماء ان وجود هذه الاسطورة يرجع الى الوقت الذى وجد فيه التقويم المصرى اى الى سنة 4241 ق م بدليل ان الخمسة ايام التى اضيفت فى هذا التقويم هى الايام التى قالت الاساطير ان نوت الهة السماء وضعت فيها اوزوريس وسيت وازيس ونفتيس وحاويريس
وقد تطورت الاسطورة تطورات عدة بما كان يدخل عليها من التحوير عصرا بعد عصر فقد عاشت اكثر من اربعة الاف عام انتقلت خلالها من مصر الى اوربا ونافست كل دياناتها المدنية يونانية ورومانية وظلت المرشد الروحى لاوربا ولاهوتها العقائدى مدة خمسمائة سنة وكانت منافسة قوية للديانتين اليهودية والمسيحية
اوزوريس النيل معطى الخصب وايزيس ارض مصر التى يخصبها النيل وسيت البحر المالح يصب فيه النيل فينقسم ويتبدد ولكنه يحيا فى العام التالى فتخرج به النباتات من البذور المدفونة فى الارض
وازوريس الرطوبة التى هى اصل الانتاح وست الجفاف والنار
ومؤمرات ست ضد اوزوريس يكنى بها عن انخفاض النيل كما ان انتصار حورس هو الفيضان
ازوريس هو القمر يرسل الندى فى الليل فينشر الرطوبة وست الشمس نرسل اشعتها فتحرق الندى وتجفف الارض
وقيل ان القمر يظهر فى الافق ثمانية وعشرين يوما ثم باخذه المحاق وكذلك اوزوريس حكم ثمانية وعشرين عاما ثم قتله ست
اوزوريس رمز قوة الخير تسخر نفسها للعالم وست رمزقوة الشر تصد الخير مااستطاعت وقد تتغلب عليه ولكن فى التهاية لابد ان تنهزم وينتصر الحق والعدل
ويشير مورى الى ان قتل اوزوريس كان يؤخذ اول الامر انه وقع برغم ارادته الا انه تطور على انه تم بارادته رغبة منه ان يضحى بنفسه لخلاص العالم والمقصود بهذا الخلاص ان يعرف الناس طريق الخلود والسعادة فى الحياة الاخرى ولعل هذا هو اصل فكرة الخلاص فى اللاهوت المسيحى
ومفهوم فكرة الخلاص الاقتداء باوزوريس فى اتخاذ الفضيلة والخير اساسا للسلوك و الاقتداء بايزيس فى الطقوس التى اتبعتها حتى ردت اوزوريس للحياة
يقول بلونراك انه من الخطأ ان نقصر الاسطورة على معنى واحد انما الصواب ان تمتد الى كل واحد من هذه المعانى تبعا للمناسبات فاوزوريس هو النبل وهو مادة الرطوبة وهو البذر يدفن فى الارض ليخرج منه النبات وهو قوة الخير وهو القمر الذى يضمحل ثم يعود من جديد وهو المخلص والفادى للانسانية
اما ايزيس فهى ارض مصر تتلقى الخصب من النيل وهى الحنان والوفاء والرحمة وهى كوكب الشعرى اليمانية سوتير.
وقد تاثرت هذه الاسطورة بحكم اليونانيين والرومانيين وصار يغلب على اوزوريس اسم سيرابيس واصبح المعبود الرئيسى فى عهد البطالمة وبنى له معبد بالاسكندرية ومعبد فى منف
وارتفع فى عهد البطالمة ايضا شان ايزيس الزوجة الوفية والام الحنون وبنى لها معبد انس الوجود الشهير فى جزيرة فيلة ياسوان وصارت الهة الاسكندرية وحامية الملاحة والملاحين
فى هذا الوقت تفنن العامة من المصريين واليونانيون فى صنع تماثيل صغيرة لايزيس من الاجر واحتقظو بها فى بيوتهم لتجلب لهم البركة وانتقلت مع البحارة الى العالم القديم للبركة ايضا وصارت المدن الاسيوية واليونانية تلحق بها معبوداتها اما حورس الطفل فصار اسمه عند اليونانيين (هاربوكرات) وهو ماخوذ من اسمه المصرى (حر –با- خرد) وكان السياح والتجار المصريون يترددون على الموانى الكبيرة فى البحر المتوسط وبعضهم اقام فيها فنقلوا اليها مع هذه التماثيل الديانة المصرية والمعبودات المصرية وظهر اثر ذلك اول الامر فى الجزر والموانى القريبة من مصر
ولما كانت عبادة ايزيس واوزوريس هى اكثر العبادات المصرية انتشارا فى عهد البطالمة فقد نقلها السياح والتجار معهم اكثر من غيرها من العبادات ففى القرن الرابع قبل الميلاد انشىء معبد لايزيس فى ميناء بيريه اليونانى ثم فى جزيرة رودس وجزيرة لبسوس وتيرا وميناء ازمير وجزر بحر ايحة وموانى اليونان واسيا الصغرى وانتشرت فى جزبرة قبرص وجزيرة صقلية وانطاكيه ومدينة اثينا
وتاصلت جذورها فى الجهات التى وصلت اليها حتى اذا جاء القرن الثانى الميلادى كان من العادات المرعية فى مدينة اروشومين ومدينة شيرونى اليونانيتين ان يكون تحرير الارقاء باسم سيراببس وازيس وامتزجت ايزيس بالمعبودات اليونانية ثم اخذ المعبودان المصريان يغزوان ايطاليا ففى عام 105 ق م بنى لهما معبدا فى ميناء بوزول ثم بنى معبد لايزيس فى بومبى وفى عهد الدكتاتور سيلا كان فى روما جالية مصرية اخذت تنتقل عبادة ايزيس على يدهم فى روما وبنى فى روما فى عهد سيلا معبدا لازيس ورغم ظهور موجة من العداء لمصر بعد الخلاف بين انطونيو واوكتافيو ادى الى تخريب معابد ايزيس مرة ثم ثانية وتالثة ورابعة وخامسة فى مدة احدى عشرة سنة جاء الامبراطور كاليجولا ليقيم بنفسة معبدا كبيرا لايزيس فى ساحة مارس بقلب روما زخرفه بعده الامبراطور دوميسيين واضاف عليه وفى عهده ايضا اقام لوسيليوس قصرا لايزيس فى مدينة بنتفيان اقام امامه مسلتبن فرغونيتين ونقش عليه باللغة الهيروغليفية وبعد ذلك بمائة سنة صار اهل روما يقولون ان ايزيس وسيرابيس كانا معبودين مصريين وقد صارا معبودين رومانيين
وزار الامبراطور هادريان وزوجة ورجال حاشيته مصر فاعجب بها وبمعابدها وكان له قصر بضواحى روما فانشا له حديقة سماها كانوب باسم احد فروع النيل ووضع فيها تماثيل مصرية وبنى تحت القصر قيعانا كان بعضها معبدا لسيرابيس
سرت عبادة ايزيس وسيرابيس الى اجزاء الامبراطورية الرومانية بعد انتشارها فى العالم اليونانى فانشرت فى شرق افريقيا واسبنيا وفرنسا والمانيا وفى البلاد الواقعة على نهر الدانوب وفى انجلترا وظل هذا الانتشار الى القرن الرابع الميلادى وظلت هذه العبادة لاكثر من ثلاثمائة سنة بعد ظهور المسيحية وكان لايزال فى اثينا كاهنا لايزيس دفن فى قبر له مع جميع ماكان له من ادوات مقدسة
واعتنق امير المانى يدعى ميدريش من امراء البلاد الواقعة على نهر الرين عبادة ايزيس وكان له ابن يسمى سيرابيس
ونبذ الامبراطور جوليان الذى تولى عرش الامبراطورية الرومانية عبادته المسيحية التى شب عليها وعبد المعبودات المصرية
والامبراطور اوجين من بعده احتضن عبادة ايزيس
حتى ولى الامبراطور تيودوز الحكم وكان متحمسا للمسيحية ففرضها على بلاد الامبراطورية الرومانية وحارب عبادة ايزيس واغلق معابدها فكان هذا اخر عهد بعبادة ايزيس وسيرابيس التى بسطت جناحيها على الامبراطورية الرومانية 500 سنة من سنة 105 ق.م الى ستة 394 م وكان لايزيس عيدان فى السنة فى مارس ونوفمبر تحتفل بهما اكثر مدن اوربا
وذهبت عبادة ايزيس من اوربا ولكنها ظلت جزء من تراثها العقائدى شغلت اذهان العديد من الكتاب والمفكرين الذين ظلوا يؤكدون ان مصر علمت الناس عبادة الالهة والايمان والتقوى وعاد الالاف هذه الايام الى العبادات الفرعونية يمارسون طقوسها عند الهرم وفى معبد الاقصر وعند مقبرة راموزا فى البر الغربى بالاقصر
عبدالمنعـم عبدالعظيـم
الاقصــر – مصــر
Monemazim2007@yahoo.com