الجمعة، 20 مايو 2011

نقادة تستعيد عرش الفركة




نقادة تستعيد عرش الفركة
الشال السياحى يغزو العالم
فتش فى الاوراق عبدالمنعم عبدالعظيم
اعشق المدن القديمة اغوص فى اعماقها التليدة استنشق فيها عبق التاريخ احس فيها ان عمرى الاف السنين اعانق فيها حضارة الماضى والجذور العميقة من هذه المدن مدينة نقادة التى شهدت حضارة من اعرق حضارات ماقبل التاريخ فقد قام الباحثان فلندر بترى وكيوبيل عامى 1894/1895 بحفريات بمنطقة نقادة فعثرا على جبانة واوانى فخارية تعود الى مرحلة ماقبل التاريخ ويرجع لبترى الفضل فى كشف حضارة نقادة وتعريف الناس بها وكذلك قام دى مورجان مدير مصلحة لاثار انذاك بالعثؤر على اثار مهمة بنقادة ومعلومات هامة عن اسرة الملك مينا موحد القطرين
لقد قسم العلماء عصر ماقبل التاريخ الى ثلاث مراحل
المرحلة الاولى وتسمى حضارة العمرة او حضارة نقادة الاولى
المرحلة الثانية وتسمى خضارة نقادة الثانية
المرحلة الثالثة وتسمى جضارة السماينة
كان الانسان فى هذا العصر يعيش فى جماعات مستقرة فى قرى منتظمة يعمل بالصيد ثم الزراعة التى اصبحت قوام الحياة لاقتصادية
وعرف الانسان فى هذا الوقت المبكر الغزل والنسج لصنع الملابس وشباك الصيد الى جانب صناعات اخرى كالفخار
وظلت نقادة التى تميزت حضارتها يانها حضارة فنية تتوارث اقدم صناعة للنسيج فى التاريخ
نى كاتى التى تحرفت الى نقادة مدينة الفهم والزكاء اشتهرت بصناعة الفركة وهى نوع من النسيج اليدوى يعتمدعلى خيوط مصبوغة من الحرير الصناعى أو القطن تُصنع منها أشكال مختلفة من الأقمشة، أشهرها «الملايات الحريمي» (رداء ترتديه النساء في صعيد مصر والدول الأفريقية)، والشال (يضعه الرجال على الكتف كنوع من الزينة أو الحماية من برودة الشتاء)، وبعض أنواع الأقمشة الاخرى وتتم عملية النسيج باستخدام النول اليدوى البسيط (مجموعة أخشاب مصفوفة بطريقة منظمة تصف عليه الخيوط)، و صناعة الفِركة تبدأ بصبغ الخيوط بألوان مختلفة وجمعها على دواليب يدوية صغيرة، وصفّها على النول اليدوي بطريقة هندسية متوارثة عن الأجداد، ويجلس النوّال أمام النول، يمد قدميه أسفل حفرة النول، يحرك الجزء السفلي من النول، ويستخدم كلتا يديه في عملية شد المضرب من أعلى للضم الخيوط المصفوفة بعضها إلى بعض، وعندما تنتهي الخيوط المصفوفة بجوار بعضها يكون بذلك قد انتهى من تصنيع أول (ملاية) فيقوم بقطعها، والبدء في تصنيع غيرها، وفي نهاية اليوم يقوم النوال بتسلم أجره من صاحب النول ويكون الأجر على عدد (الملايات) التي قام بصنعها».
وتركيب النول لايختلف عن النول الموجود فى نقوش المقابر الفرعونية
تشكل هذه الصناعة مصدر الرزق الأساسي لمعظم العائلات فى نقادة، وكانت احد المصادر المتميزة للدخل القومي، حيث تعد نقادة المصدر الوحيد على مستوى العالم لهذه الصناعة الفريدة التي ورثوها عن أجدادهم الفراعنة واحتكروها بحرفيتهم ومهارتهم فيها، فضلا عن أن هذه الحرفة وفّرت ما يقرب من 3000 فرصة عمل في نهاية القرن الماضي
وقد اشتهرت مدينة نقادة بمحافظة قنا بحرف تراثية كثيرة، كالفخار والحصر والأسرّة المصنعة من جريد النخيل، لكن الفِركة السودانية كانت من أكثر الحرف شهرة لدرجة أن مدينة نقادة ارتبط اسمها بحرفة الفِركة زمنا طويلا في مصر والعواصم الأفريقية، فقد لاقت (الملاية) النقادية شهرة واسعة الآفاق، خصوصا في العواصم الأفريقية، كالخرطوم ونيروبي وأديس أبابا وغيرها، حيث تتهافت عليها النساء الأفريقيات لاعتقادهن أن هذه (الملايات) تجلب الحظ والبركة، وتضفي عليهن قدرا كبيرا من الوقار والحشمة وهن يقمن بلف هذه (الملايات) حول أجسادهن الفارهة، حتى إن العروس الأفريقية كانت تشترط على عريسها تقديم عدد معين من هذه (الملايات) ضمن جهازها قبل الزفاف. وكانت فترة نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي عصرا ذهبيا لفركة نقادة، إذ كانت تدر ما يعادل أربعة ملايين دولار عليها وعلى قراها التي احتكرت المنتج» الا ان الظروف التى مرت بها السودان وافريقيا حالت دون الاستمرار فى تصدير اثواب الفركة واصبحت هذه الصناعة مهددة بالكساد وبدء الحرفيون يهجرون هذه الصناعة التى كانت مصدر الدخل الاساسى لاكثر من 900 اسرة فهى صناعة عائلية تمارسها الاسرة بجميع افرادها وكادت تذوب وتنزوى.».
وقد تعرضت هذه الصناعة ايضا لمنافسة شرسة من قبل المنتجات الصينية والهندية التي تلعب على وتر السعر، فالصين والهند لم تكتفيا بتصدير الخيوط المصبوغة لمصر، بل قاموا بتصنيع وإنتاج مختلف الأقمشة و(الملايات) الصعيدية التي تنتجها الورش المصرية، وصدروها لنا بأسعار زهيدة، لكنها ليست بكفاءة المنتج المصري الذي ظل لقرون طويلة سيد الموقف في الدول الأفريقية».
والى جانب العوامل السياسية التى اثرت على العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان فان هناك متغيرات فى العادات والتقاليد غيرت انماط الاستهلاك فى هذه الدول
وكان لابد من عمل يحافظ على تراث الفركة ويمنعه من الاندثار
كان من المهمومين بهذا اشهر صناع الفركة فى نقادة ويدعى شمروخ مقار عبد الشهيد الذى توارث هذه الحرفة عن اجداده واورثها ابنائه خاف على الحرفة من الانقراض
لقد جمعته الصدفة مع سيدة من نيوزلندا بمدينة الاقصر تدعى جين شيروك كانت من المهتمات بالترا ث والحرف اليدوية وشغلتها قضية الفركة وكانت فى طريقها الى نقادة فتعرفت على شمروخ الذى اتاح لها فرصة التعرف على صناع الفركة وعرضت عليهم فكرة تطوير صناعتهم وفتح اسواق جديدة لها باستخدام نفس الادوات والخامات فبدات فكرة تصنيع الشال السياحى والملايات والمفارش واثواب من القطن والصوف والكتان والحرير كان ذلك فى يناير1980واقامت معرض لمنتجاتهم بنيوزيلندا
وبدات نقادة تزدهر من جديد وغزت منتجاتها التى لاقت اقبالا كبيرا اسواق اوربا خاصة فرنسا كذلك الصين وغزا الشال السياحى اسواق خان الخليلى والاقصر والغردقة واسوان واستخدمته المتحجبات كحجاب ونظرا لأهمية هذه الصناعة وكونها تراثا إنسانيا، قامت الدولة ممثلة في محافظة قنا باتخاذ عدة إجراءات من شأنها الحفاظ على هذه الصناعة القديمة من الاندثار لأنها تعتبر جزءا أساسيا من الهوية الفرعونية، وفي نفس الوقت تعد مصدرا متميزا للدخل لهذه المنطقة التي كانت تقوم بتصدير منتجاتها لمعظم دول العالم، ومن أهم هذه الإجراءات إقامة مراكز تدريب للشباب والفتيات للعمل بهذه المهنة كما قامت جمععية الشابات المسلمات بنقادة بدور هام فى تنمية صناعة الفركة حيث انشات مركز تدريب ومعرض دائم لمنتجات الفركة بقيادة السيدة الواعية والمتميزة وفاء مبارك وقد استعانت الجمعية بخبرات كليات الفنون الجميلة واتطبيقية فى تطوير النول اليدوى وعمل التصميمات الفنبة للمنتج وتدريب المراة على هذه الحرفة واقامة المعارض فى القاهرة والمدن السياحية
ولقد قمت بزيارة نقادة لمتابعة تطورات هذه الصناعة التقيت بالتجار وشاهدت تجربة عملية فى احد منازل نقادة حيث استقبلتنا ام كرم اليس يعقوب التى تعمل على النول منذ 30سنة شهدت فيها عصر ازدهار الصناعة وانهيارها ثم صحوتها من جديد وزرت مركز تطويرالفركة والسجاد اليدوى بجمعية الشابات المسلمات والتقيت السيدة وفاء مبارك رئيس الجمعية التى زاملتنا فى العمل الاجتماعى ومشروعات قضايا المراة وتفوقت فى مشروعات التنمية فى نقادة ومدير المركز الاستاذ خالد على
شعرت اننى امام تجربة تنموية رائدة يمكن ان تكون نموذج يحتذى فى كل قرى مصر حتى تعود القرية الى سابق عهدها كقرية منتجة توفر الرخاء والحياة الكريمة لابنائها
عبدالمنعـــــم عبدالعظيـــــم
مدير مركز دراسات تراث الصعيدالاعلى
الاقصـــــــــــر مصــــــــر
Monemazim2007@yahoo.com`

هناك تعليق واحد:

hazem يقول...

تصحيح مدير مركز الفركة بجمعية الشابات بنقادة الأستاز حازم توفيق