الاثنين، 24 ديسمبر 2012


الصعيدى العنيد عبداللطيف ابورجيلة فارس من فرسان الاقتصاد المصرى كتب عبدالمنعم عبدالعظيم
وأنا فايت على كوبرى إسنا لفحنا الهوا ونعسنا واللى شبكنا يخلصنا حبيبى هى اللحن الفلكلورى الذي كان يتغنى به ابورجيله احد أبناء إسنا احد مراكز محافظة الأقصر ذات الطابع الاثرى و التاريخى وهى مدينة مصرية قديمة فى جنوب مصر كانت محط القوافل السودانية وترتبط بالسودان عن طريق درب الأربعين الشهير كما تتصل بالواحات الخارجة وبالصحراء الشرقية حتى القصير اسمها الفرعونى هان خونومو اى قصر الإله خنوم واسمها الاغريقى لاتوبوليس اى مدينة السمك البلطى ولفظ إسنا تحريف للاسم الفرعونى ( س نوت ) معبد الآلهة نوت رمز السماء فى اللاهوت المصرى القديم . كانت إسنا فى العصر الفاطمى قاعدة كوره وفى العصر المملوكى كانت تابعة لولاية قوص ولجرجا و فى العصر العثمانى فى1833 كانت مديرية قائمة بذاتها تشمل إسنا والكنوز وحلفا وفى 1888 أضيفت لقنا ثم الى محافظة الأقصر الآن و بها معبد بطلمى أقيم على أنقاض معبد فرعونى قديم . ولأرض إسنا قداسة خاصة عند أقباط مصر فكل سنتيمتر منها روى بدم شهيد ومن أبنائها مهندس الأهرامات اموحتوب أول من بنى بناء بالحجر وأبدع هرم الملك زوسر المدرج ورفعه المصرين القدماء لرتبة الآلهة عبداللطيف ابورجيلة من أشهر رجال الاقتصاد فى مصر ولد فى مدينة إسنا ونشا فى السودان وتعلم فى القاهرة واكتسب خبراته العملية فى لندن وروما وهو ابن لأسرة من ثلاث اسر تمثل مركز الثقل العائلى فى هذه المدينة أسرة حزين وأسرة ابو العلا وأسرة ابورجيلة وكان والده يعمل بالزراعة وبعد ان تلقى تعليمه الأولى بالسودان عند جده لامه حسن عبدالمنعم ممثل الحكومة المصرية فى السودان التحق بالمدرسة السعيدية الثانوية بالجيزة وكان حارس مرمى فريق كرة القدم بالمدرسة ومن أبطال رياضة التنس ثم التحق بمدرسة التجارة العليا فى الثلاثينيات وأثناء دراسته مارس بعض الأعمال التجارية مع أقاربه فقد كان طوال دراسته الجامعية يعول نفسه وبعد تخرجه التحق بالعمل فى بنك مصر قلعة الاقتصاد المصرى واستفاد من تجربة الاقتصادي الكبير طلعت حرب الذى وجد فيه مثله الأعلى وأوفده طلعت حرب للتدريب على الأعمال المصرفية بلندن وروما وفى أثناء بعثته بروما زار العديد من الشركات والوكالات التجارية واستطاع أن يعقد صفقة لتوريد المحاصيل الزراعية من مصر الى ايطاليا وانتقل من عالم الوظيفة الى دنيا رجال الأعمال بدأ حياته العملية برأسمال قدره أربعة وثلاثون جنيها ولما عاد من ايطاليا استقال من وظيفته وكانت هذه الاستقالة هى النقلة التى أذنت بميلاد الاقتصادي الكبير عبداللطيف ابو رجيلة عمل فى البداية فى توريد الحاصلات الزراعية وساهم فى توريد الأسلحة للجيش المصرى من عام1948 حتى عام 1952 وتعرض خلال هذه الفترة لمؤامرات الصهيونية العالمية والاعتداء عليه فى ايطاليا وشارك فى تأسيس شركة الخزف والصينى مع البنك الصناعى المصرى وتعاون مع وزارة الصناعة فى إنشاء مصنعين احدهما للفرامل والأخر لليايات ثم أسس شركة القاهرة للتامين وشركة اخرى للصناعات الإسمنتية وهى الشركة التى قامت بدور رائد فى إعادة اعمار مدينة بورسعيد بعد العدوان الثلاثى الغاشم على مصر وبحكم انتمائه الريفى وتربيته فى مدينة تشكل الزراعه حياة مجتمعها عشق العمل فى الزراعة واستصلاح الاراضى وكان يملك مزرعة نموذجية أعطاها كل خبرة الفلاح الصعيدى أقدم فلاح فى التاريخ ونجح فى تصدير المانجو والموالح الى دول أوربا خاصة السويد وعمل فى مجال الفندقة وتملك فندق سميراميس بمدينة كابرى الايطالية كان يفتخر بأنه يستثمر جميع أمواله فى مجالات متعددة بدلا من كنزها وركودها ويفخر انه حقق العيش الكريم لآلاف الأسر كان إيمانه ان الثروة لابد ان تلعب دورا اجتماعيا يتجاوز المصالح الشخصية وهى نفس الدروس التى تعلمها فى مدرسة أستاذه طلعت حرب كان يستهدف النجاح فى اى عمل يقوم به ولم يكن يستهدف جمع المال كان يعطى عمله كل وقته وساعات نومه لا تزيد عن خمس ساعات فى اليوم لم يكن طريقه سهلا او معبدا ولم يكن مفروشا بالورود فهو لم يلد وفى فمه معلقة من ذهب إنما كون ثروته بكفاحه وبنى ثروته بعملة فى أثناء الحرب العالمية الثانية خسر عبداللطيف ابورجيلة كل رأسماله فى ايطاليا لكنه لم يياس وبدء من جديد تزوج لندا من جنوب ايطاليا صعيدية مثله من مدينة كالاباريا حيث التقاليد تشبه تقاليد صعيد مصر عاش فى ايطاليا تسعة عشر عاما وعاد الى مصر عام 1949 ومن مدخراته اشترى قطعة ارض مساحتها 6000متر بموقع متميز تطل على شارع سليمان ومعروف وشامبليون وعبدالحميد سعيد واشترى مزرعة مساحتها 400 فدان حدائق بعين شمس وعاد لايطاليا عام 1952واستدعته حكومة الثورة فعاد عام 1954 اتسم عبداللطيف ابورجيلة بالبساطة والمرح والصراحة كان ابن بلد بكل ما تعنيه الكلمة من شهامة وسمو كان يقدم سجل انشطته وماليته للجهات الرسمية حتى أمواله بالخارج بكل شفافية مطمئن الى ضميره لم يكن من عشاق الحياة الاجتماعية يعمل بلا كلل لساعات طويلة يستيقظ مبكرا ولا يعرف الأجازات ويعتز بقيم وتقاليد الصعيد ومبادئه ومظاهره الشكلية كان يجد متعته فى كرة القدم ولعب الدومينو لم يذهب الى طبيب وعلاجه الشاى بالليمون لنزلات البرد وصيدليته تحوى الأعشاب الطبية مثل الحرجل والنعناع وحلف البر والعرديب والشيح كان خفيف الظل يمرح فى تلقائية ويفضل ركوب السيارات البسيطة مثل الاوبل يعيش حياة التقشف ويرتاح فى لبس الجلباب الأبيض والعباية بسيط فى ملبسه ومأكله ومسكنه يخشى الحياة المترفة حتى لا يعتادها اقتصرت متعته على العمل وتحقيق النجاح وكان يركب الأتوبيس فى انتقالاته هو وزوجته لم يعرف الإسراف فهو لا يشرب ولا يقامر ويؤمن بمصريته ويفخر بانتمائه الوطنى يعمل للصالح العام بلا ضجيج يعد النقل من أهم معايير تقدم الأمم وكانت مرافق النقل تخضع لسيطرة الأجانب مما حدا بمجلس النواب التأكيد على ان تتولى الحكومة حق استغلال مرافق النقل من أتوبيسات وسكك حديديه وتلغراف وتليفونات عام 1938 لكسر احتكار الأجانب وأسس ابوالوفا دنقل شركة أتوبيس الصعيد وهو ضابط سابق من أبناء قرية القلعة بقفط وأسس احمد عبود شركة أتوبيس الشرقية والدقهلية وبعد ثورة 3 يوليو فى عام 1954 بعد تدهور مرفق النقل العام بالعاصمة اتصل عبداللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة بعبد اللطيف ابو رجيلة الذى كان مقيما أيامها بايطاليا وكلفه بتحمل مسئوليات مرفق النقل العام بالقاهرة ولم يقدم ابورجيله شروطا ولم يطلب قروضا او ضمانات فبدأ بدفع مرتبات العمال المتأخرة ثم قام باستيراد أتوبيسات من اكبر الشركات العالمية وفى خلال سنة كانت 400 سيارة فاخرة تقدم خدمات راقية بمواعيد منتظمة ومنضبطة واستطاع ان يرفع كفاءة العمال بالتدريب المستمر والرقابة الحازمة كما قام ببناء جراجات حديثة لإيواء السيارات الحق بها ورش ميكانيكية للصيانة وإصلاح الإطارات ومحطات للتشحيم والتموين وعيادات طبية ومكاتب للموظفين استطاع ان يقدم خدمة جيدة وفق منهج علمى وقام بإنشاء مصنع لليايات وأخر لصناعة تيل الفرامل وقام باستيراد معدات حديثة لتمهيد الطرق قامت بتمهيد طريق مصر إسكندرية الزراعى وطريق شربين كفر الشيخ كما قدمت خدماتها للقوات المسلحة استطاع مرفق النقل أن يقدم خدماته ل13 مليون مواطن وكان الزمن بين الأتوبيس والتالى ثلاثة دقائق وارتفع عدد العاملين الى 4000 عامل وهو الذى ادخل خدمة الراديو فى الأتوبيسات وأصبح مرفق النقل فى عهده بيت خبرة وطنى وكان يركب الأتوبيس كمواطن عادى لمعرفة كفاءة العاملين ونبض الناس كما تحمل واجب رعاية أبناء العاملين تعليميا وصحيا من جيبه الخاص وكان يؤمن بان العامل المصرى امهر عامل فى العالم إذا تعلم وفهم خضع ابورجيلة وشركاته للتاميم1960مثل غيره من كبار الراسماليين فغادر مرة اخرى الى ايطاليا واستعانت به حكومة السودان لحل مشاكل النقل بها فاستعان ببيت خبرة بلجيكى وحققت أعماله فى الخارج بعد التأميم أرباحا طائلة ولعبد اللطيف ابورجيلة مسيرة اخرى مع الرياضة أثناء رئاسته لنادى الزمالك لقد تأسس نادى الزمالك عام 1911 باسم نادى قصر النيل ثم تغير اسمه فى السنة التالية وسمى نادى المختلط فى عام 1941 سمى باسم نادى فاروق وبعد ثورة 23 يوليو سمى باسمه الحالى نادى الزمالك وقد استطاع المصريين الإطاحة بإدارته الأجنبية والإطاحة برئيسه البلجيكى مرزباح بيانكى وانتخاب محمد بدر باشا رئيسا للنادى وبعد الثورة كان يراس النادى محمد حيدر باشا لكنه كان محسوبا على النطام الملكى واحد ابرز رموزه ورغم انه استمر رئيسا للنادى 30 عام الا انهم اختاروا محمود شوقى رئيسا ولكنه لم يتمكن من منافسة النادى الاهلى الذى كان يرأسه احمد عبود باشا صاحب الثروة الطائلة والنفوذ القوى فاختير الشواربى الذى لم يستمر سوى شهور قليلة وكان عبداللطيف ابورجيلة هو الوحيد القادر على منافسة احمد عبود فاختير رئيسا للنادى وفى ظل رئاسته فاز الزمالك ببطولة الدورى العام لكرة القدم للمرة الأولى فى تاريخه وأصبح المنافس القوى والعنيد للنادى الاهلى العريق تجربة احمد عبود فى إدارة النادى الاهلى فى النصف الثانى من الأربعينيات وطوال الخمسينيات أثبتت قدرة رجال الاقتصاد فى دفع مستوى الرياضة ودعمها وتجربة عبداللطيف ابورجيلة مع الزمالك لا تقل أهمية عن تجربة عبود وتزيد فى كون أن احمد عبود لم يكن رياضيا إنما عبداللطيف ابورجيلة كان من لاعبى كرة القدم والتنس ولعب الجولف إثناء إقامته فى ايطاليا وشارك فى سباقات السيارات واليخوت التى فاز ببطولتها عام 54\55 وفاز بعلم البحر المتوسط فى صيد السمك متفوقا على أبطال 8 دول فى كورسيكا عام 1954وراس الاتحاد المصرى لكرة السلة 54 واستمر رئيسا لنادى الزمالك من 1959\1961 واستطاع ان يدبر الميزانيات لبناء مدرجات النادى من شركات البترول التى كان يتعامل معها لتموين مرفق النقل العام وجدد منشات النادى ومرافقه حتى اصبح ملتقى الارستقراطية والصفوة فى المجتمع المصرى واهتم باللاعبين وأقام لهم معسكرات التدريب كانت كرة القدم أهم شيء فى حياته وأخر ما تبقى له من متع الحياة عاد إلى مصر في منتصف السبعينيات، وعاش بقية عمره حزيناً على إهدار تجربته، كفرد، وإهدار تجربة بلد بكامله، وهي تجربة كانت في مطلع الخمسينيات لا تزال تتلمس الطريق، وقد كانت هناك بدايات قطاع خاص ينمو، وبدايات أحزاب تتحرك،! كانت وصية عبد اللطيف أبو رجيلة أنه لا نجاح لهيئة النقل بمعزلٍ عن محاربة الرشوة والسرقة والإهمال والتسيب. وظل يردد بثقةٍ أن أزمة المواصلات في القاهرة يمكن أن تُحل قبل أن ينتهي من قهوته هذا هو عبداللطيف ابورجيلة الصعيدى الصلب والعنيد الذى يتلقى الضربات بصمود ويحولها الى نجاحات ولم يبخل على بلده اسنا فتبرع بوحدة للفشل الكلوى ومعهدا دينيا أتخيله يسير على كوبرى إسنا بجلبابه الأبيض وهو يترنم ونا فايت على كوبرى إسنا لفحنا الهوى ونعسنا ثم نعس نعسته الأخيرة بعد حياة حافلة بالعطاء

الأحد، 16 ديسمبر 2012

افتتاح مفبرة مرينبتاح


افتتاح مقبرة مرنبتاح وكارتر يتكلم فى ذكرى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أعظم كشف أثرى فى التاريخ كتب عبدالمنعم عبدالعظيم بالرغم من حكم هذا الملك الطفل لم يستمر أكثر من تسع سنوات من عام 1358 الى عام 1349 قبل الميلاد ولم يكن له أهمية تذكر فى تاريخ مصر الفرعونى ولم يكن دمه الملكى نقيا إذ كانت أمه إحدى محظيات البلاط الملكى حتى أن اسمه لم يذكر فى ثبت الملوك الفراعنة بمعبد أبيدوس ولولا تلك الردة التى تمت فى عهده وأعادت لكهنة آمون فى طيبة سطوتهم بعد أن هزت أركانها دعوة اخناتون وكاد أن يتداعى سلطان طيبة بعد انتقال العاصمة منها الى مدينة أفق أتون (اخناتون) لما سطر التاريخ له اسما . إلا أن توت عنخ آمون ومنذ سبع وثمانون عاما تاريخ اكتشاف هيوارد كارتر لمقبرته التى انفردت بان كنوزها وجدت كاملة لم تمس وظلت فى مكمنها أكثر من ثلاثة ألاف عام و خمسمائة ونيف لم ترها عين بشر حتي ملئت شهرتها أسماع العالم وأصبح توت عنخ آمون من يومها سفيرا فوق العادة للحضارة المصرية يتنقل اليه الباحثين عن الثقافة والمعرفة والعراقة والجمال حيت أجمل و أندر و أكمل الإبداعات الإنسانية على مر التاريخ . وانتقلت قطع منها تجوب العالم كقيمة ثقافية وتاريخية تعبر عن أمجاد الإنسان المصرى القديم وشغل توت عنخ آمون أيضا المحافل العلمية وما زال بحثا عن تفسير لظاهرة لعنة الفراعنة التى أصابت اثنين وعشرون شخصا مما كانت لهم صلة مباشرة أو غير مباشرة بكشف المقبرة وافتهم المنية فى ظروف غامضة بعد الكشف رغم أن كتب المؤرخين العرب حافلة بقصص هذه اللعنة قبل اكتشاف هذه المقبرة بعقود كثيرة ورغم صيحات بطرس تادرس المشهور بالمستر بيتر أقدم تراجمه الأقصر الذى شهد افتتاح المقبرة وظل حيا بعدها حتى بلغ خمس وثمانون عاما وكان يعمل سكرتيرا لكارتر أنا حى إذن لا لعنة . ترى هل كان يمكن لهذا الكشف أن يرى النور لولا حادث السيارة الذى وقع للورد الانجليزى جون هربرت كارنفون فأصابه بمرض فى التنفس يسبب له متاعب عندما يحل جو الشتاء القارس الرطب فى بلاد الإنجليز ونصيحة الأطباء له بالسفر الى مصر ليستمتع بجوها الجاف. وفى مصر انقلب هوس كارنفون من السيارات الى الهوس بالآثار وبدء حفرياته الأثرية فى ثالث زياراته لمصر ولكن جهوده لم يكللها النجاح فلجا الى صديقه عالم المصريات سير جاستون ماسبيرو مدير متحف الآثار المصرية أيامها الذى قدم له هيوارد كارتر الرسام وعالم الآثار الانجليزى الذى سبق له اكتشاف مقبرتين من مقابر وادى الملوك. كان كارتر قبل تعارفه بكارنفون يعمل مع تيودور دافيد المحامى ورجل الأعمال الامريكى وخلال الموسم السياحى 1907/1908 وجد العاملون معهما مخبأ لاوانى فخارية كثيرة محروقة تحتوى على بعض اللوازم الجنائزية ولفافات كتانية لم يعرها دافيد أهمية إلا أن هربرت ونيلوك بمتحف المتروبوليتان لاحظ على فوهة وجدران الاوانى وإحدى اللفافات اختاما تحمل اسم توت عنخ آمون وبعدها اكتشف دافيد قى حفرة بأحد القبور صندوقا خشبيا يحتوى رقائق ذهبية محفور عليها اسم توت عنخ آمون واعتقد انه اكتشف مقبرة توت عنخ آمون إلا أن كارتر تشكك فى الأمر وكان من رأيه إن ملكا مصريا لا يمكن ان يدفن فى مثل هذا القبر المتواضع خاصة وانه احد ملوك الأسرة الثامنة عشرة وحاول دافيد أن بجد شيئا لكن جهوده باءت بالفشل مثل سابقه المغامر الايطالى جوفيانى باتيستا بلزونى الذى فشل أيضا فى بحثه بذات المنطقة عام 1820 ورغم هذا أصر كارتر وكارنفون على البحث فى نقس المنطقة لم يكن بحثهم عن مقبرة معينة إنما كان جل بحثهم عن مقبرة فرعون اى فرعون كان كارتر قد اعد فى عام 1917 خريطة مسح عليها المنطقة مسحا شاملا وأزاح كتل الأحجار الضخمة المتخلفة عن الحفريات السابقة واستمر البحث لعدة سنوات كاد أن يفقد فيها كارنفون الأمل لولا إلحاح كارتر بطلب فرصة أخيرة اختار كارتر لفرصته الأخيرة أن ينقب أسفل مقبرة رمسيس السادس وحصر الحفر فى مثلث صغير لم يسبق التنقيب فيه حرصا على عدم إغلاق مقبرة رمسيس السادس أمام الزائرين . بعد تنظيف المنطقة ظهرت أرضية مغطاه بحجر الصيوان مما اكد وجود مقبرة تحتها وبعد ستة سنوات طويلة قضاها الرجلان فى البحث و فجاة تم كل شىء وفى أسابيع معدودة . فى 28 أكتوبر 1922 وصل كارتر الى الأقصر بدون كارنفون واستأجر فريقا للحفر وفى أول نوفمبر بدء التنقيب فى الركن الشمالى لمقبرة رمسيس السادس وبدء الحفر وسط طبقة الصيوان وفى 4 نوفمبر بينما كارتر يركب بغلته إذا برئيس العمال يبشره أنهم اكتشفوا درجة سلم منحوتة فى الصخر وفى 5 نوفمبر عصرا كانت الدرجات وصلت الى أربع درجات وحتى المساء وصلت الى اثنتى عشرة درجة وظهر فى نهاية الدرجات باب صخرى محكم الإغلاق وعلى الباب ظهرت بعض الأختام بها رسم لابن أوى ورسوم لتسعة أسرى من تلك الأختام الشائعة فى مدينة الموتى . وفى السادس من نوفمبر ابرق كارتر الى كارنفون أخيرا وصلت الى اكتشاف مدهش بوادى الملوك مقبرة رائعة أختامها سليمة ردمنا كل شىء انتظارا لوصولك ورد كارنفون على البرقية فى 8 نوفمبر بأنه سيصل قريبا وصل كارنفون الى الأقصر فى 23 نوفمبر 1922 وفى اليوم التالى بدء تنظيف المدخل وفى 25 نوفمبر بدء تصوير أختام المدخل ثم الى يوم 26 نوفمبر حيث تم فتح باب المقبرة يصف هيوارد كارتر المشهد فى كتابه مقبرة توت عنخ آمون قال : من خلفى وقف اللورد كارنفون وابنته الليدى ايفلين هربرت وظهرت أمام عينى حيوانات وتماثيل من ذهب الذهب يلمع فى كل مكان كانت اثمن وأجمل ماكشف عنه رجال الآثار فى حفرياتهم السابقة كانت الحجرة حافلة بالأشياء العجيبة كئوس من الالباستر الشفاف على شكل زهرة اللوتس كومة غير منتظمة من العربات المقلوبة تلمع بالذهب ومطعمة بالأصداف تمثالان أسودان بالحجم الطبيعى للملك يواجهان بعضهما البعض كحارسين للمقبرة لكل منهما تنورة ذهبية ونعلين من ذهب ويمسك كل منهما صولجانا وعصا و وفوق جبهة كل تمثال الكوبرا المقدسة بالإضافة الى ثلاث أرائك مذهبة وتوابيت وراس مرصعة بالذهب هذه قصة أعظم كشف أثرى فى التاريخ والذى اختارت مدينة الأقصر مناسبته عيد قوميا لها ثم قرر المجلس الشعبى اختيار يوم صدور قرار مبارك بتحويل الاقصر الى محافظة عيدا قومياويطالب اهالى الاقصر بعودة المناسبة عيدا قوميا وفى هذه المناسبة افتتح منذ عامين الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر السابق والدكتور زاهى حواس أحدث متحف أثرى فى مصر متحف بيت كارتر وهو الاستراحة التى أقام فيها كارتر منذ عام 1910 أثناء الكشف وضمت مقتنياته وأوراقه الخاصة و معروضات ومقتنيات من أثاث هيوارد كارتر وصورا أرشيفية تبين جبانة البر الغربي وقت كشف مقبرة توت عنخ آمون، وكذلك جانبا من عمله بالحفائر، إضافة إلى بعض الأدوات والملابس التي كان يستخدمها وهى مهداه من عائلته، والصحف الإنجليزية القديمه التى تحدثت عن اكتشافاته وحضر الاحتفال أحفاد كارتر وكارنفون وعديد من رجال الآثار والإعلام بمصر والعالم وتضمنت مراسم الأحتفاليه عدة محاضرات ألقاها رؤساء البعثات الأجنبية الذين عملوا بمنطقة وادى الملوك وأعلن الدكتور زاهى حواس يومها عن طرح الغرفة التي كان يقيم بها كارتر داخل الاستراحة للإقامة بها لمدة ثلاث ليال فقط في العام مقابل عشرة آلاف دولار لليلة الواحدة. هذا العام تضمنت الاحتفالية التى حضرها سفراء امريكا وروسيا واليونان وسنغافورة والكويت ووزير الآثار ووزير السياحة وأحفاد كارنفون افتتاح مقبرة مرينبتاح ابن رمسيس الثانى للزيارة وفى متحف كارتر هذا العام استخدمت تقنيات حديثة تجسم صورة كارتر وهو يتحدث للزوار ويسرد قصة الاكتشاف ومرنبتاح هو رابع ملوك الأسرة التاسعة عشر وهو ابن الملك رمسيس الثاني من زوجته الثانية إيزيس نوفرت وترتيبه الرابع عشر بين أبناء رمسيس إذ كل إخوته الأكبر منه قد ماتوا في حياة والدهم. وقد استمرت مدة حكم مرنبتاح حوالي عشر سنوات من عام 1213 ق.م إلى عام 1203 ق.م قام مرنبتاح بعدة حملات عسكرية خلال فترة حكمه، ففى العام الخامس من حكمه قام بحملة على الليبيين لمساعدتهم شعوب البحر على غزو مصر من الغرب وانتصر عليهم. كان مرنبتاح متقدما في السن عندما تولى الحكم فكان في حوالي الستين أو السبعين، وقد قام بنقل العاصمة من برعمسيس عاصمة مصر في عهد أبيه إلى ممفيس حيث شيد قصر ملكى بجوار معبد بتاح وتم اكتشاف ذلك القصر في عام 1915 م بواسطة بعثة متحف جامعة بنسلفانيا الأمريكية. آثاره حصل مرنبتاح على معظم الأحجار التي يحتاج إليها لمنشآته بالسطو على أحجار الأبنية الأخرى، وقد استخدم ظهر نصب حجرى أقامه أمنحتب الثالث في تسجيل نبأ إحدى الأزمات الكبرى التي حدثت له في مدة حكمه، فقد كانت شعوب جزر شرق وشمال شرق البحر المتوسط التي طردت من ديارها في زمن حرب طروادة تركب البحر باحثة عن السطو أو مكان تستقر فيه، وصد مرنبتاح محاولتهم لغزو شمال شرق الدلتا في السنة الخامسة من حكمه. لوحة مرنبتاح بالمتحف المصري. اكتشفت هذه اللوحة عام 1896 على يد عالم المصريات الأنجليزي " فليندرز بيتري" في معبد مرنبتاح الجنائزى وتعد الأولى من نوعها في التاريخ المصري القديم حيث كانت المرة الأولى التي تذكر فيها كلمة (إسرائيل) لفظيا، سجل فيها الملك مرنبتاح انتصاراته على أرض كنعان واسرئيل واكمل انتصارات ابيه الملك رمسيس الثانى، اللوحة في الأصل كانت للملك أمنحتب الثالث ولكن لأسباب غير معروفة أستخدمها الملك مرنبتاح لتسجيل انتصاراته، أشهر عبارة في هذه اللوحة هي "اسرئيل ضائعة ,وبذرتها لا تنمو", واللوحة الآن معروضة بالمتحف المصري. "يسرائر " أو "يسرائل " بالهيروغليفية حيث كان المصري القديم يخلط بين حرفي الراء و اللام . مكتوب على اللوحة باللغة الهيروغليفية مقبرته دفن مرنبتاح في مقبرته بوادى الملوك وهي المقبرة رقم 8 بوادي الملوك ،وقد نقش على الممر المنحدر بمسافة 80 متر داخل المقبرة حتى حجرة الدفن نصوص من كتاب البوابات. واكتشفت مومياؤه في خبيئة بمقبرة أمنحوتب الثاني مع ثمانية عشر مومياء أخرى عام 1898 م بواسطة "فيكتور لوريت " مما يدل على انها نقلت إليها، ومن فحص مومياؤه تبين انه كان يعانى من التهاب المفاصل وتصلب الشرايين في أواخر أيامه وقد توفى وفاة طبيعية . طول المومياء 1.71 متر ويتبين من موميائه أنه كان أصلع الرأس إلا من بضع شعيرات قليلة، وملامحه قريبة من ملامح أبيه رمسيس ولكن قياسات جمجته مشابهة لجمجمة جده سيتي الأول. عبدالمنعـم عبدالعظيـم مدير مركز دراسات تراث الصعيد الأقصـر ... مصـر Monemazim@yahoo.com