الجمعة، 27 فبراير 2009

بيت الامة فى الاقصر فى خطر

بيت الأمة فى الأقصر فى خطر
كتب : عبدالمنعم عبدالعظيم

قى كل زيارة للدكتور احمد نظيف الى الأقصر تبدء مهزلة جديدة من مهازل رئيس مجلسها الأعلى الدكتور سمير فرج فهو ينتهز زيارة السيد رئيس الحكومة الاليكترونية ليضع أمامه خطة جديدة لهدم مدينة الألف باب بدعوى التطوير و ما يجرى خرج من دائرة التطوير الى دائرة تصفية المدينة بمنشاتها وتاريخها الحديث ومبانيها التى تحمل جزء من تراثها الدينى والثقافى والاجتماعي 00 هدم المساجد والملاعب ومركز الإعلام وفصر الثقافة وفندق ونتر بالاس الجديد وأسوار المدارس والمنشات الحيوية اتسعت شوارع الافصر لكنها تحولت الى جراج كبير للسيارات وعربات الحنطور وفى الزيارة الأخيرة جاء الدور على قصر توفيق اندراوس المناضل الوطنى بطل ثورة 19 ونائب الافصر عن الوفد هذا المبنى الملاصق لمعبد الأقصر الذي يطل على النيل حتى تخاله جزء من هذا التراث التليد في إطلالته على شريان الحياة حابى العظيم وأطلال الأجداد وبقايا تخوم مدينة الأقصر القديمة.
هذا المبنى كان إلى وقت ليس ببعيد ملتقى كل رجال الأقصر وضيوفها وفيه استقبلت الأقصر سعد باشا زغلول والزعيم مصطفى النحاس ومكرم عبيد والإمبراطور هيلاسيلاسى إمبراطور الحبشة وعديد من الشخصيات المصرية والعالمية والقصر مسجل ضمن الآثار التاريخية وكان الناس يسمونه بيت الأمة في الاقصر0ورغم ذلك يصر الدكتور سمير فرج على هدمه
بلدوزر سمير فرج طاح فى الأقصر لا يفرق بين اثر وثقافة وتاريخ وبين المبانى العادية والمبانى التى تقع فوق مناطق أثرية
هنا عاش توفيق أندراوس احد اخلص رجالات الحركة الوطنية ونائب الأقصر لثلاث دورات ولم تنتخب الأقصر نائبا غيره حتى وافته المنية وهو يعد للمؤتمر الوطني في السادس من يناير 1935 وبين هذا التاريخ وميلاده سنة 1893 سطر التاريخ سيرة هذا المناضل الوطني في انصع صفحات أسفار التاريخ الوطني.
هذا المسيحي الثائر الذي انتخبته الأغلبية المسلمة نائبا لها في البرلمان ثلاث دورات ولو عاش ما انتخبوا غيره؟ لم تكن تعوزه المادة فوالده أندراوس باشا بشارة من أثرى أثرياء مصر لكن هذا الثراء لم يكسب أسرته أنانية وتكبرا بل سخاء وعطاء وخيرية، فهذا والدة يوقف مائة فدان لخدمة مساجد وكنائس الأقصر مناصفة وأوقف عشرة أفدنة لخمة المدرسة الصناعية لأنه كان يؤمن أن الصناعة والحرف تشكل المستقبل لشباب الأقصر.
وبني على نفته مدرسة الأقباط التي مازالت قائمة وبني مسجد المقشقش ومسجد المدامود وجمعية الشبان المسلمين والعديد من المشروعات الخيرية، ماذا بني أثرياء هذا الزمان وماذا قدموا ؟
أكمل توفيق مرحلة التعليم الابتدائي بمدرسة الأقباط بالأقصر وبعد حصوله على الابتدائية بتفوق التحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية بالقاهرة وكان من أنجب طلابها ثم التحق بجامعة أكسفورد البريطانية العريقة وحصل على ارفع إجازاتها ثم عاد إلى مصر متسلحا بالمعارف والآداب.
كان يمكن لهذا الشاب ابن الأسرة الموسرة خريج أكسفورد أن يجد وظيفة مرموقة في دواوين الحكومة أو السلك الدبلوماسي لكنه آثر طريق الجهاد واعترك السياسة إلى جانب زعيم الأمة سعد زغلول باشا، في 13نوفمبر 1918 عندما قابل سعد زغلول باشا ورفاقه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي المعتمد البريطاني للمطالبة باستقلال مصر ذهب فخري عبد النور وويصا واصف وتوفيق أندراوس بعد اجتماع بنادي رمسيس إلى سعد زغلول مساء نفس اليوم وأعلنوا باسم أقباط مصر أن الصليب مع الهلال وراء سعد زغلول على طريق الاستقلال ودوت صرختهم فألهبت نيران الثورة وصنعت وحدة وطنية حقيقية بين عنصري الأمة، تصدر توفيق أندراوس صفوف الثورة ووهب لها عمره.
حاول القصر الملكي أن يثنيه وعرض عليه احمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي وكان زميل له في جامعة أكسفورد رغبة الملك فؤاد في تعيينه سفير في لندن على أن يترك سعد فكان رده الرفض بشدة.
وعندما نفت السلطات سعد ورفاقه علم أن أم المصريين صفية هانم زغلول تشكو من نضوب خزينة الوفد فما كان من توفيق أندراوس إلا أن باع سبعمائة فدان ووضع ثمنها تحت تصرف أم المصريين للصرف على الحركة الوطنية.
وفى رحلة سعد زغلول النيلية إلى الصعيد استقبله توفيق أندراوس على رأس أهالي الأقصر وما حولها رغم كل محاولات بدر الدين بك مدير الأمن العام أيامها وكان في عنفوان قوته وجبروته ولم يهاب توفيق أندراوس قوات بدر الدين وأسلحته التي حاولت الحيلولة دون رسو باخرة سعد باشا نوبيا في الأقصر بحجة دواعي الأمن فتصدى لهم توفيق واستقبل سعد بداره وكان اجتماعا تاريخيا مشهودا للوطنية في الصعيد في سنة1921 ودوت الجماهير بهتافها المدوي يحيا سعد وهتف سعد زغلول بل يحيا توفيق أندراوس.
خدم الأقصر نائبا عنها منذ 1921 حتى وافاه الأجل سنة 1935 دون منافس وفى إحدى الدورات رشح القصر أمامه خيري باشا زوج ابنة السلطانة مللك ولم يحصل خيري باشا هذا إلا على صوت واحد.
ويذكر التاريخ انه نتيجة لطلباته دخلت المياه النقية والنور إلى الأقصر قبل محافظة الجيزة وكان له العديد من الموافق البرلمانية الوطنية المشهودة
ومات توفيق أندراوس في ريعان شبابه ووافقت وفاته مناسبة لا تتكرر اجتماع عيد الفطر المبارك وعيد الميلاد المجيد في يوم واحد فخيم على الأقصر الحزن العميق وخرجت جماهير الأقصر وقوص وأرمنت في موكبه الحزين وشهدت جنازته العديد من الشخصيان منهم مكرم عبيد باشا سكرتير الوفد وتوفيق دوس وزير الواصلات ونقيب الأشراف محمد أبو الحجاج الحجاجي والعالم الجليل الحسين الحجاجي.
وفى ذكرى الأربعين حضر الرئيس مصطفى النحاس لرثائه في كنيسة الأقباط بالأقصر مع العديد من رموز الحركة الوطنية.
عاش توفيق أندراوس كما قال سعد زغلول فارسا وطنيا في مدرسة السماحة المصرية.
وترك بقصره ثلاث من بناته توفى شقيقهم واختهم الرابعة ولم يرحموا وحدتهم
لقد تبرعت جميلة توفيق اندراوس بعشرين فدانا لإقامة قصر جمهورى بالاقصر ولكن هذا لم يشفع لها أمام بلدوزر سمير فرج والذى استكثر عليهم ايضا مقبرة أبيهم المناضل وراح يقتطع أجزاء منهابلدوزر سمير فرج طاح فى الأقصر لا يفرق بين اثر وثقافة وتاريخ وبين المبانى العادية شعاره اهدم وليكن ما يكون
وفى كل أنحاء العالم المتحضر يتعايش القديم مع الجديد الأثر مع البشر ليس من العلمية ان نمحو الحديث من اجل القديم ماذا لو تركنا المساجد والكنائس والمبانى الأثرية وسط طريق الكباش التاريخى ليعيش الماضى والحاضر ويتعايش السائح مع الحضارة الفرعونية والمسيحية والإسلامية والحضارة الحديثة
تضامنوا من اجل الا يهدم سمير فرج حتى المبانى الأثرية والتراثية خاصة قصر توفيق اندراوس

عبدالمنعم عبدالعظيم

ليست هناك تعليقات: