الجمعة، 28 أغسطس 2009

على الموردة

First Published 2009-08-26


الطريق إلى الموردة

على الموردة مع شيخ شعراء الجنوب عبده أحمد حسن

لحمل الجرة مراسم تظهر فيها رشاقة البنت وقدرتها على حملها والسير بها في دلال ورشاقة.

ميدل ايست اونلاين
كتب ـ عبدالمنعم عبدالعظيم

الموردة تعني مورد الماء، وهي المكان الذي تقوم فتيات القرى في مصر بملأِ جرارهن منه من النيل، معبود مصر القديم ومصدر الخير والنماء والحياة. وشربة الماء تخرج الفتيات مع شروق الشمس بعد الفجر زرافات يحملن الجرار فارغة ويعدن بها مليئة بالماء السلسبيل. وتتكرر الرحلة في العصرية وقبل الغروب حتى يملأن أزيار البيت (جمع زير).

في الرحلتين، وعلى الموردة، تتبادل النساء الحكايات ويتناقلن أخبار الحب والغرام.

وعلى الطريق إلى الموردة، يتلصص الشباب النظرات إلى البنات ربما تعجبهم إحداهن فيخطبها فهي الوسيلة الوحيدة لرؤية البنات أيامها.

يختبيء الشباب خلف زراعات القصب العالية، وأعواد الذرة، وربما يتسلقون الأشجار والنخيل لرؤية منظر الفتيات ولاختلاس نظرة أو بسمة.

وعن الموردة غنى المطرب الشعبي أغنيته الشهيرة:

على الموردة حمام ونا لا بصحى ولا بنام (وحمام يقصد بنات)

والشاعر الآخر يغني:

غزالات جميلات على الموردة رايحين جايين

ولحمل الجرة مراسم تظهر فيها رشاقة البنت وقدرتها على حملها والسير بها في دلال ورشاقة، وتثبتها على رأسها باللواية، وهي قاعدة مدورة من القماش على شكل كعكة توضع فوق الرأس وفوقها الجرة.

ومن مظاهر الرشاقة أن تقوم الفتاة بحمل الجرة بطريقة مائلة دليل الرشاقة وتناسق الجسم.

هذه الصور الجميلة بدأت في الاختفاء، وأصبحت جزءا من التراث، مع التقدم ودخول المياه النظيفة وشبكات المياه إلى منازل القرى، وبعد غزو غابات الأسمنت والثلاجات للدور، وانتهى دور الزير والجرة ورحلة البنات إلى الموردة.

وكلما تذكرت الموردة مع ذكريات الطفولة، عشت مع شاعرنا عبده أحمد حسن شيخ شعراء الجنوب، صاحب أغنية "خلي الأمل فكرتك" للمطربة نازك في رائعته الشعبية التي ضمنها ديوانه الأول "صعيدى في القنال" حيث كان يعمل بالسويس، قبل أن يجرفه الحنين إلى قريته أرمنت الحيط، إحدى أعرق قرى مصر، وكان من أبطال المقاومة الشعبية في السويس، ومارس العمل السياسي، وكان عضوا بالمؤتمر الوطني للقوى الشعبية، وله حوار مشهور مع الرئيس الخالد جمال عبدالناصر، وهو أول أمين للشباب بمحافظة قنا. وكان مثالا للعامل الحقيقي الذي انتخبة العمال، وجمعوا التبرعات ليلبس بدلة في المؤتمر ويشرف العمال.

المهم أن عبده أحمد حسن كانت له مع الموردة حكاية ضمنها قصيدته "يا مطنقرة البلاص" يقول فيها:


يا مطنقرة البلاص على شقه وعيونك على الموردة رايحين جايين

والشوق علامتـه على جبينك عمــــال يمسى على الحلوين

يا مطنقرة البلاص على شـــقة يا مبينة الحجـــــل الرنان

وحياة دلالك مش لاقى حجة غير انى اقولك أنا عطشـــــان

يا مطنقرة البلاص وعيونك على المـــــوردة رايحين جايين

والشوق علامته على جبينك عمال يمسي على الحلـــــوين

يا زينة في المشية يا زينتك أمانة قولى طريقـــــــك فين

عطشان وعيني على المية اروينى من شهد البــــــلاص

متخلينيش دنا يا صبية قلبى انشغل ووقـــــــعت خلاص

سرقتي منى الروح والبهجة أول ما حسنــــــك هل وبان

يا مطنقرة البلاص على شقة يا مبينة الحجــــــــل الرنان

وحياة دلالك مش لاقى حجة غير انى اقولك أنا عطشــــان


هكذا جذبنا هذا الشاعر العجوز إلى الموردة سحر البنات مع البلاص، نسأل الله له الشفاء حتى يظل يمتعنا بأشعاره وأغانيه ومسرحياته.


عبدالمنعم عبد العظيم ـ الأقصر (مصر)


Monemazim2007@ yahoo.com

ليست هناك تعليقات: