الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

حرب اللغات


الدكتور اشرف فراج مع الكاتب
حــــرب اللغـــــات
دراسة لمفهوم الغزو اللغوى فى ضوء علم اللغة السياسى
كتب : عبدالمنعم عبدالعظيم
استضاف متحف الآثار بالأقصر بقيادة الأثرية النشطة الدكتورة سناء احمد على الدكتور اشرف احمد فراج عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية وأستاذ العلوم اللغوية المقارنة بالكلية الذى تجشم مشقة السفر من الإسكندرية للاقصر ليتحفنا بمحاضرة رائعة حول حرب اللغات تلك الحرب التى لا تستخدم السلاح قهى حرب تتقاتل فيها الألفاظ وتتصارع فيها التراكيب والمفردات اللغوية تقتحم حصون تراكيب ومفردات لغوية أمنة مستقرة بغية قتلها ومحوها واخذ مكانها واحتلال مواقعها وأوضح الدكتور فراج ان للغزو اللغوى ثلاثة أوجه
غزو لغوى بالقوة الجبرية
والثانى الغزو اللغوى الناجم عن الثقل الحضارى والنفوذ الدينى
والأخير الغزو اللغوى عبر الوسائل التكنولوجية
اولا الغزو اللغوى بالقوة الجبرية
وهو غزو يفرض فيه المستعمر لغته بالقوة الجبرية على السكان الأصليين للبلاد التى يستعمرها وذلك بهدف طمس السمات اللغوية فى لغتهم القومية سواء كان هذا الطمس على مستوى المفردات او على مستوى التركيبات اللغوية والبناءات النحوية وهذا المستوى الأخير هو الأخطر والاسوء على الإطلاق لارتباط طرق بناء العبارة اللغوية بطرق التفكير العقلى والسلوك الاجتماعي الذى يميز ثقافة وحضارة كل شعب على حدة ويتم الإحلال على ثلاث مراحل
ظهور اللفظة الدخيلة والصراع بين الفظة الدخيلة واللفظة الأصلية ثم استسلام اللفظة الأصلية وانسحابها من جسمها اللغوى
وعدد صور محاربة الاستعمار الفرنسي والانجليزي للغة العربية بإغلاق المدارس العربية وإلقاء معلمى العربية فى السجون والترويج للغة المستعمر كنموذج للتحضر والوجاهة والثقافة
لقد اشعل الاستعمار الانجلو فرنسى حرب اللغات دافعا بلغاته لكى تغزو اللغات الآمنة المستقرة فى قارة أسيا وإفريقيا واستراليا والعالم الجديد معتمدا على نفوذه السياسى وجبروته العسكرى وارثه الثقافى
وقاومت اللغات الوطنية دفاعا غن بقائها وسرعان ما انهارت امام هذا الغزو اللغات الهشة والغير مكتوبة
وكانت اللغة العربية أكثر اللغات صمودا لاعتبارات كثيرة أهمها النقوذ الثقافى والدينى وتجذر هذه اللغة كما صمدت من قيل قى مواجهة الغزو الفارسى والاوردى والتركى
ثانيا الغزو الناتج عن الثقل الحضرى والنفوذ الدينى
فالنموذج اليونانى الذى يتجلى فى غزو اللغة اليونانية القديمة للغات العالم القديم فى غرب اوربا وخاصة اللاتينية لما تحملة من ارث ثقافى وكيان حضارى رفيع مكنها من ان تسود كل اللغات القديمة المعاصرة لها فى غرب أوربا ثم جاء لاسكندر الأكبر ليوحد أوربا تحت لواء اللغة اليونانية ثم تقدم لفتح شرق العالم بداية من مصر و بنى مدينة الإسكندرية على النموذج اليونانى تخطيطا وفكرا وثقافة ولغة حتى اصبحت منارة العلم والثقافة فى العالم اجمع وغزت اللغة اليونانية اللغة المصرية القديمة واندفعت شرقا لتغزو اللغة العبرية
اما النموذج الثانى للغزو اللغوى الناجم عن الثقل الحضارى والنفوذ الدينى فهو النموذج العربى والمتمثل فى غزو اللغة العربية للغات غرب اسيا وشمال وشرق وغرب افريفيا واللغة الاسبانية فى جنوب غرب أوربا ولقد اكسب الدين الاسلامى اللغة العربية ثقلا حضاريا ونفوذا روحيا ساعدها على الانتشار قى أسيا حتى وصلت الى الصين كذلك قضت اللغة العربية على اللغة اليونانية والمصرية المكتوبة بالخط القبطى وامتدت الى شرق وغرب إفريقيا واسبانيا
ثالثا الغزو اللغوى عبر الوسائل التكنولوجية
وهو الوجه الثالث والأخير قى حرب اللغات وهو نوع من الغزو تخسر فيه اللغات المخترقة أساليبها وصيغها وتراكيبها ومفرداتها لصالح اللغة الغازية
قالغازى لا يلجا للعنف او القوة الجبرية عن طريق الترويج لثقافته عبر وسائل الإعلام المتطورة
كالانترنت والمبهرة كالسينما وتمثل اللغة الانجليزية الأمريكية هذا النوع من الغزو للغات العالم اجمع لتحقيق الهيمنة عن طريق عولمة أو امركة العالم
لقد بدء هذا الغزو من منتصف القرن العشرين فقد كانت الولايات المتحدة مدركة منذ البداية ان أمركة العالم لن تتم بالتحكم فى المقادير الاقتصادية للشعوب فحسب بل أيضا بتغيير نظمها الثقافية وتجهيز عقليتها لتقبل النموذج الامريكى فى الحياة لقد رصدت أمريكا أموالا طائلة للوصول الى هذا الهدف وقد بات كثير من المفردات والصيغ والمصطلحات الانجليزية الأمريكية تغزو لغات العالم وراحت تتغلغل داخل أنسجتها وتستقر لتبدأ مرحلة التجذر
مما حدا بفرنسا الى تأسيس المنظمة الفرانكفونية لخلق تكتل ثقافى لغوى فرنسى مضاد للتكتل الانجليزي الامريكى المتنامى كذلك الصين وضعت خطة طموحة لنشر والحفاظ على اللغة الصينية
المقاومة الاليكترونية للغزو اللغوى الامريكى
تنبهت الأمم المتحدة لهذا المصير التعس الذى تواجهه لغات العالم وأدركت المثالب التى قد تترتب على اندثار الثقافات المحلية وضياع الخصوصيات الحضارية التى تؤدى لفقدان نعمة التنوع الثقافى والتعددية اللغوية ولقد دعت منظمة اليونسكو لحرب اليكترونية لغوية مضادة لكسر الاحتكار اللغوى الامريكى وتبنت مشروعا للغة حاسوبية جديدة بشفرة عالمية
ويعد هذا المشروع نوعا من الحرب اللغوية الاليكترونية المضادة
والسؤال هل ستكون هذه الحرب هى أخر فصل من فصول حرب اللغات وهى حرب لا تنتهى كما قال الباحث
الموضوع جد خطير ويحتاج لوعى ومباركة ودعم من كل أجهزة الدولة لايكفى جهد الباحثين امثال الدكتور اشرف فراج ومكتبة الإسكندرية اننا نحتاج مساهمة جادة من كل مؤسساتنا الإعلامية والميديا ومستخدمى الانترنت لمواجهة هذا الخطر
عبدالمنعـــم عبدالعظيــــم
الاقصـــــر.. مصــــر
Monemazim2007@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: