الأحد، 7 يونيو 2009

حزب الوفد والاشتراكية

كل الكتابات التى تناولت حزب الوفد منذ نشاته بمبادرة شعبية وكلت فيه الامة الزعيم سعد زغلول ورفاقة لتمثيل الشعب المصرى امام مؤتمر الصلح بقرساى لعرض القضية المصرية عام1919تم هذا من خلال اول ثورة شعبية عارمة فى التاريخ المصرى الحديث امتدت من اقصى البلاد الى ادناها وشارك فيها الشعب المصرى بكل فئاته وهى اول ثورة حقيقية كان الشعب وقودها وقائدهاوحرصت ادبيات ثورة 23 يوليو 52 فى حربها على الاحزاب على تصويرهذا الحزب بانه حزب ليبرالى انحاز الى مصالح كبار الملاك وانه ضرب بالقضية الشعبية عرض الحائط وقد كنا نندد بهذا الحزب باعتبارة ممثل لليمين فى مصر وانه حزب لايتفق مع توجهات تحالف قوى الشعب العامل من عمال وفلاحين وراسمالية وطنية وجنود وانه ساهم فى افساد الحياه السياسية قبل الثورة بل وحوكم عدد من قيادته فى محكمة الثورة عقب ثورة يوليو وهذا اكسبنى شخصيا عداء خاصا للوفد باعتبارى احد ابناء ثورة يوليو والمؤمنين بفكرها وبالقائد عبدالناصر و اصبحت قضية العداء بينى وبين الوفد من المسلمات يحكم تكوينى السياسى وماتدربت عليه فى منظمة الشياب حتى عندما واتتنى الفرصة للقاء الزعيم مصطفى النحاس زعيم الوفد قبيل وفاته بالاسكندرية لم اكن متحمسا لهذا اللقاء ولم استطع ان اكون محايدا امامهبل وكنت ازرع هذه الكراهية من خلال موقعى السياسى بامانة التثقيف بالاتحاد الاشتركى العربى كموجه سياسى وامين للشباب وعضوا لامانة التنظيم بمحافظة قناحتى فوجئت بكتاب عن الوفد والاشتراكية كتبه سيف الدين الغزالى عام 1950 ووقع فى يدى صدفة و كباحث مطلوب منه الحياد والتجرد وتوخى العلمية فاجئنى الكتاب مفاجاة صادمة هل كان حزب الوفد اشتراكيا ؟فقد عرفنا ان اليسار المصرى كان يمثله اكثر من حزب شيوعى وحركة كالحزب الشيوعى المصرى وحزب العمال الشيوعى المصرى وحركة حدتو وان احمد حسين مؤسس حزب مصر الفتاة اسس الحزب الاشتراكى وكان يصدر جريدة اسمها لاشتراكية وان الافكار الشيوعية ادخلها الى مصر اليهود بقيادة هنرى كوريل وان الاشتراكية كفر والحاد وحرية جنسية وممارسات لااخلاقية وربما ساهمت الصحافة والسينما المصرية فى تاكيد هذاوظلت هذه الافكار تترسخ فى اذهان الناس حتى تطبيق قوانين يوليو الاشتراكية ومناقشة قضايا الاشتراكية بمفهومها العربى واصبحت الاشتراكية التى تقوم على تحالف قوى الشعب العامل ومبدا الكفاية والعدل وتاكيد الانفتاح على التجارب الانسانية والايمان بالقيم الروحية وتعايش القطاع العام والخاص من خلال تعدد انماط الملكية ورفض دكتاتورية الطبقة ودموية الصراع الطبقى مع التاكيد على الملكية العامة لوسائل الانتاج خاصة مع تبنى الدولة والتظيمات الشعبية لهاوبانهيار المعسكر الاشتراكى عالميا وتفكك الاتحاد السوفيتى وانتهاج سياسة الحرية الاقتصادية اصبحت الاشتراكية ثراثا تاريخيا اخذ منها المجتمع الانسانى كثير من المبادىء واستغنى عن كل مايعيق الحرية الاقتصاديةاى ان العالم عاد الى الاخذ بالاشتراكية الديمقراطيةوالحقيقة ان الدعوة للاشتراكية دعوة قديمة اخذت اشكالا عدة فى عصور مختلفة ولاسباب متباينةولقد ادى ضغط الطبقات الحاكمة على المنادين بهذا المبدأ الى تطرف بعضهم فاصبح دعا ة الاشتراكية نوعينالاول سبيله الديمقراطية والعدالة الاجتماعيةوالثانى اخذ بالاشتراكية العلمية او المطلقة وسبيلة انقلاب فى المجتمع تتحقق فيه نظرياتها فى المساواه عن طريق دكتاتورية الطبقة العاملةوللحقبقة والتاريخ فان حزب الوفد فى مصر اول من اخذ بالاشتراكية التى تقوم على اسس الاصلاح والعدالة الاجتماعية وتقوم نظرية الوفد الاشتراكية الى تغيير طبيعة المجتمع وغاياته يطرق الاصلاح التدريجى والسلمى وكان سان سيمون فى مقدمة المفكربن الذى ابدعوا مبادىء الاشتراكية الديمقراطيةيقول فؤاد سراج الدين ايام كان سكرتير ا للوفد قبل الثورة :ان الوفد هيئة تدين بمبدأ الاشتراكية وسياستها سياسة اشتراكية وان حكومة الوفد اول حكومة عملت على تطبيق المبادىء الاشتراكية فسياسة الوفد التى تنادى ان من حق الفقير ان توفر له سبل العيش وان من حق المريض ان يعالج ويعتنى به وان من حق الجاهل ان ينهل من مناهل العلم مجانا وان على الغنى ان يدفع اكثرمما يدفع غيره وبالجملة ان تتحقق العدالة الاجتماعية فى احسن صورهانقول اذا كان ندائنا شيوعيا فى نظر اعدائنا فان الوفد ليفخر بسياسته هذه ولايتبرأ منهاكانت نزعة الوفد الاشتراكية تقوم على ركيزتين الديمقراطية والعدالةمن هنا اعتبر حزب الوفد نفسه حزبا اشتراكيا اذ كان يمثل الغالبية من الشعب وكان يعمل بوحى هذه الجماهير طالب دوليا بالحرية والوحدةوفى الداخل قام بمجموعة من الاصلاحاتمنها الغاء الامتيازات الاجنبية وتسديد الدين المصرى واسس الجامعة العربية وجامعة فاروق الاول وحقق مجانية التعليم ومكافحة الامية والوحدات الصحية وتغذبة الاطفال بالمدارس الاولية والتعاونيات ورفع السخرة وقانون استقلال القضاء وكان للوفد برنامج اشتراكىنشر فى كتاب للاستاذ سيف الدين الغزالى يقول ان الوفد يهدف الى ايجاد الامكانيات الضرورية لاغلبية الشعب الا وهى الطبقة العاملة من زراع وصناع وذلك بالعمل على تحقيق الديمقراطية الاجتماعية والسياسية وايجاد التوازن المناسب بين الطبقات وتقليل الفوارق بينها فكريا وماديا بما يضمن سلاما اجتماعيا شاملا واستقرار يقوم على اسس الرغبة فى الرقى بالدولةولن يتحقق ذلك الا بضمان حقوق الاغلبية الشعبية التى يمثلها الوفد المصرى وحمايتها من تحكم الاقليات فيها واغتصابها لحقوفها وبتهيئة الفرص لافراد الشعب عامة لكى تنطلق فى ميدان الرقى وافساح الطريق امام المواهب الشعبية الكامنة لترقى بالشعب والمجتمع وما الى ذلك من من العمل على تهيئة مجتمع سليم راشد يتلمس اسقام المجتمع الحاضر واصلاحها على اساس مبدا التكافؤ بين الافراد وضمان الحرية الفردية وحماية حق الاغلبية الشعبية فى الحرية السياسية والاجتماعية وضمان حق العمل للجميع وحشد القوى لخدمة الامة جميعها بحيث لاينسى مغبون ولامظلوم ولايحرم مجد من نتاج يديه فالوفد هو وكيل الامة يعمل على الاحتفاظ لهذه الامة بحريتها فى حكم نفسها كى لاتسلبها اباها فئة قليلة غاشمة تستبد بها استبداد السيد برقيقهوتلك الاغلبية العظمى من الشعب تؤلفها طبقتان اذا استثنينا الطبقة الوسطى من صغار الموظفين وغبرهم هم طبقة عمال الارض الزراع وعمال الصناعةفكل اصلاح لايشمل تلك الاغلبية لايكون اصلاحا بل محاباه وظلما لذا يعمل الوفد على تحقيق ذلك اذ ان تلك الاغلبية ترى فيه مصباحا ينير لها سبيل العيش ويبصرها بادران ذلك المجتمع الحاضر ليوجد لها دواءا صادقا يطهرها من الذل والفاقة ويرتفع بها من قبور الاحياء الى قصور السعداء دون ما قوة او ثورة بالقانون والسلطة المشروعة والحكم الصالح ثم عدد الربامج دوره تجاه الزراع وعمال الصناعة وكيف بحميهما من الاستغلال ويوفر لكليهما الحياه الكريمة وركز البرنامج على ديمقراطيات ثلاث ديمقراطية اقتصادية للارتفاع بمتوى الشعب اقتصاديا من خلال التصنيع المخطط والاهتمام بالصناعات الثقيلة والكهلرباء والصناعات الكيميائة والحديد واستخراج المعادن والاعتناء بالصناعات الاستهلااكية والربط بين الصناعة والزراعة خدمة الزراعة بتوسيع انتاج السمادوالالات الزراعية على تعمل الزراعة على تمويل الصناعة بالمواد الاولية مع فرض الضرائب التصاعدية مع تملك الدولة للصناعات الهامة الكبرى لضمان استخدامها فى مصلحة الشعبعلى ان ترتبط النهضة برفع المستوى المادى والثقافى للطبقة العاملة وتحديد ساعات العمل والاجازات والتامين الاجتماعى والحماية من البطالة وحماية الاحداث والعلاج المجانىومساواة العاملات بالعمال وبالنسبة للزراعة والفلاحون استصلاح الاراضى وتحسين طرق الرى وتحديد الملكية الزراعية للتقليل من التفاوت وتشجيع الانتاج الواسع وتشجيع الجمعيات التعاونية الزراعية وتطبيق القوانيتن العمالية على عمال الزراعة وحقهم فى تكوين النقابات والاتحادات والتامين الاجتماعى مع مد صغار الزراع بالقروض وتحمل ديونهم والغاء الضرائب عن صغار الملاك مع ضريبة تصاعدية على الملكيات الكبيرةاصلاح القرية المصرية والرقى بمستواها باستخدام الاساليب الحيثة فى بنائها وادخال المياه النقية والكهرباء والمدارس الزراعية والمستشفيات وطرق المواصلاتثم الاهتمام بصغار الموظفين ووضع حد ادنى للمرتبات اما بالنسبة للديمقراطية السياسية فتشمل حرية الراى والتفكير وحق الاجتماع والخطابة والنشر وعدم تفتيش المنازل او اعتقال الافراد الا بامر من السلطات بعد محاكمة عادلةوان تتمتع الاقليات بالمساواة فى الحقوق مع الغالبية ومحو كل اثار التعصب الدينى او الطائفى وبالنسبة للديمقراطية الاجتماعيةفى التعليمرفع شبح الامية والجهل ومجانية التعليم فى كل مراحله وربط التعليم بالمشروعات الاقتصادية ومشاركة الطلبة فى ادارة معاهدهمفى مجال الصحة توفير الغذاء الصالح والماء النقى والمسكن الصحى والكسار الكافى لجميع الشعب خاصة القرىردم البرك والمستنقعات وتطهير مياه الانهار والترع من الجراثيم والافاتادخال نظام المستشفيات المتنقلة والتوسع فى انشاء الوحدات والمصحات فى كل مكان ومكافحة السل والبلهارسيامكافئة الاطباء ومساعديهمالمراةالمساواة بين المراة والرجل فى شتى نواحى الحياه مع انشاء شبكة من دور الحضانه وبيوت الامومة والمطاعم والمغاسل العامة وتخفيف اعباء الحمل والولادة وتربية الاطفال وكل مايعوق عمل المراةولم يغفل الوفد فى برنامجه الاشتراكى المسالة الوطنيةوقضية الجلاء عن مصر والسودان والاهتمام بقضايا الشعوب العربية والسلام العالمىوبدأ الوفد بالفعل فى تنفيذ ساستة الاشتراكية برغم تحديات الاستعمار الانجليزى والملكية الفاسدة ولاشك انه ادى دورا وطنياولاشك ايضا ان البرنامج الاشتراكى لحزب الوفد الذى طبع عام 1950 غير كثيرا من قتاعاتى ولعلنى اجد نفسى داعيا الى كتاية تاريخ مصر بعيدا عن هوى الحكام ملاعيب السياسة

ليست هناك تعليقات: