الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

التمساح سوبك الوحش الذى قدسة قدماء المصريين


بقلم عبد المنعم عبد العظيم
على عكس ماهو شائع لم يعرف المصريون عبادة الحيوان إنما كانو يرمزون للإله بالحيوان حسب ما يفكرون فيه ويتأملونه من جهة صفاته ومميزاته الشتى والتي يمكن وأن تتشابه او تدل على بعض الشبه بصفات الإله فتصير لها رمزاًَ ثم يعبرون بتلك الرمزية تعبيراًَ صادقاًَ يستند على فهم عميق وتمثيل عقائدي سليم فيما يريدون الإفصاح عنه من أفكار وترجمة ما عندهم من تصورات. ونظر البعض إلى إنها عقائد غامضة رغم أن أساسها البحث والتفكير العميقين عن الخالق في شكل مخلوقات خلفها الله كان يرى فيها الإنسان صورة غير نفسه وعالماًَ غير عالمه. ثم أن الأمر لم يكن عبادة فقط إنما هو ملاحظة ودراسة كل ما ينفع ويضر الزراعة والإنسان لا مجرد تكريم لحيوان ما إنما هو نفع يحافظ على ما يأتي منه ويصدر عنه فيكرم. فلم يكن قدماء المصريين في الواقع يعبدون الحيوان بل أن مظاهر الإعزاز والتكريم البدائية للحيوانات المقدسة هي مصدر هذا الخلط بين التقديس والإعزاز والرضا عن بعض الحيوانات التي كان يرى فيها الإنسان المصري وغير المصري من البدائيين صورة غير صورته فيتبين فيها شيئاًَ من الإله الحامي والنافع للإنسان والقادر على مقاومة الشر ويتزايد حب الناس وإحترامهم لحيوان ما بقدر ما فيه من خصائص الإله من النفع والحماية فالإله كما أجمع الناس في تصورهم له يجدون فيه كل المميزات والصفات الطيبة فهو يحميهم وينفعهم ويجنبهم الضرر ويشفيهم ويزيد في رزقهم ويمنع عنهم العسر وقد وجدوا هذه الصفات بعضها او كثير منها في الحيوان فأحبوه. فنظرتهم وبحثهم عن الإله الخفي الذي هو ملىء السموات والأرض جعل الإله دائماًَ وجهتهم وفي فكرهم وتأملهم إنهم يبحثون عنه في كل شيء يرونه في الماء والأرض والحيوان والنبات والحشرات وفي السماء في الكواكب والنجوم والشمس والقمر وفي حركة الحياة اليومية وتصوروا أيضاًَ الأبدية والبعث، فالحيوانات إذن لم تكن إلا وجوة تشابه به الإله الكبير والرب الواحد وليست هي بذاتها أرباباًَ بل مرايا كما قال بلوتارخوس للإله الواحد المطلق الذي كان في ضمير الإنسان المصري من ضمن هذه الحيوانات التمساح فقد كان الفلاحين يعيشون بقرب هذا الوحش وتعلموا أن يحذروه إذا عرفوا أن بمقدور التماسيح أن تهاجم المستحم او من تحطمت سفينته وتجر النساء اللواتي يذهبن إلى النهر ليملأن جرارهن بالماء او من يغسل الثياب هناك. وإذا ما عبر قطيع مخاضه في النهر ألقى الرعاة تعويذة على التماسيح في صورة أغنية سحرية خوفاًَ من هذا الوحش المدمر المهلك الجشع. ويقال أن أهل دندرة وحدهم هم الذين لديهم مناعة ضد هذا المعتدي كما كانوا يسمونه, ويغني العاشق قائلاًَ أن حب معشوقتي الواقفة على الضفة الآخرى هو لي بيد أن تمساحاًَ يرقد على الشاطىء الرملي سأنزل الماء وأحدث رشاشاًَ في المياه فأجد التمساح كالفأر الصغير لأن حبي لها جعلني قوياًَ سيكون لي تعويذة ضد التمساح، وهناك عدد عظيم من التعاويذ تدرأ عن المرء خطر التمساح فلا يقتله، وغالباًَ ما قال عابدوا حورس وأوزوريس أن هذا المخلوق الضاري حليف ست. وعلى نقيض الإعتقاد السائد لا تأكل التماسيح الناس إلا في النادر فعادة ما يترك الحيوان ذو الأقدام السريعة والفكين المخيفين الشاطىء حيث كان يرقد والنباتات المائية الطويلة حيث يكمن نصف مختبىء ويندفع غاطساًَ في الماء كالبرق وراء السمك الذي هو غذائه الرئيسي جاء التمساح كالشمس من الأمواج والأسماك هي أعداء الشمس الخفية وهكذا يجل كثير من المصريين التمساح سوبك سوخوس دينياًَ ينظرتهم العاقلة المنظمة عن الكون وقد كرس عدد عظيم من المعابد في 36 موقع تمتد من مستنقعات الدلتا إلى شواطىء السلسلة وكوم أمبو والجبلين والرزيقات ونقاده لهذا الإله الذي إشتهر منذ عهد الدولة الوسطى وهو رب مدينة التماسيح بالفيوم وكل الجهات المحيطة ببحيرة قارون كما كرس له نصف المعبد الجميل بكوم أمبو. كان كهنة مدينة التمساح ينشدون هذه الترتيلة كل يوم طالبن من إلههم هذا الذي كان الشمس والأرض والمياه في آن واحد أن يهب مصر الحياة أهلاًَ بك يا آيها التمساح سوبك ورع وحورس الإله الجبار أهلاًَ بك يا سوبك التمساحي أهلاًَ بك يا من خرجت من المياه الاصلية ياحور قائد مصر وثور الثيران والذكر العظيم وسيد الجزر الطافية وفي كل موقع عبد فيه الإله سوبك كانوا يحتفظون بتمساح مقدس او بعدة تماسيح مقدسة وكان التمساح يستأنس ويربى في الرزيقات وروى هيرودوت عن هذه التماسيح انها تزين ويقدم لها طعام خاص وذبائح خاصة وتصنع لها أقراط من الأحجار الصناعية او الذهب كما توضع الأساور في أقدامها الأمامية ويعتني بها بكل طريقة ممكنة أثناء حياتها وعند موتها توضع في توابيت ومن جهة آخرى فإن أهالي مدينة فيلة لم يهتموا بالتماسيح إطلاقاًَ وكان يأكلونها وكانت مومياء المعبود التمساح سوبك، تحنط وتوضع على نقالة خشبية، ، للطواف بها في مواكب مختلفة خلال القرى وفي الصعيد حتى الآن يطوفون بالذبائح في المواسم الدينية بعد تزيينها في موكب من الأطفال يهتفون التمساح سمنه ساح. لقد تصور المصريين إنه الإله الذي خلق النيل، إله الخصوبة والبعث، ورمزاً لقوة لحاكم مصر. كان سوبك يمثل في هيئة إنسان برأس تمساح أو شكل تمساح كامل، وكان دائماً ما يرتدي فوق رأسه شعراً مستعاراً بريش مع قرص الشمس المحاط بقرنين أو ممثلاً بتاج الآتف، ويمسك في كلتا يديه بصولجان ال "واس" وعلامة العنخ (مفتاح الحياة) رمز الحياة. أما النقالة الخشبية فمزودة بأربعة أذرع، وهي بسيطة التركيب، وعلى قدر من الطول بحيث تسمح بتزايد عدد الكهنة الذين يحملونها. كانت مومياء التمساح سوبك توضع على هذه النقالة، أثناء الأعياد، وتحمل على أكتاف الكهنة الذين كانوا يطوفون به حول المعبد قبل وضع الإله في ضريحه. أما القائم الخشبي فهو في شكل صندوق يتكون من ألواح، تستقر عليه النقالة التي تحمل المومياء يقول بلوتارخوس أن تقديس المصريون القدماء للتمساح لا يخلوا من سبب معقول لأنه الوحيد من الحيونات الشبيه بالإله إذ ليس له لسان وإن كلمات الإله لا تحتاج إلى كلام ثم إنه الوحيد الذي يعيش في الماء وله غشاء شفاف تمتد من جبهته ليغطي عينيه فيرى ولا يرى وهي ميزة يختص بها الإله الأول أي الأعظم وإنه يسمع ولا يسمع وهو ما ينفرد به الإله الأعظم الذين يرونه ملء السموات والأرض الذي يسمونه بالخفي (آمون) فالتمساح في اللاهوت المصري ليس إلا رمزاًَ يرون فيه صفات الإله الخالق وقدرته وهم يؤمنون بإله واحد ويعظمونه في الرموز التي تدل عليه وتحمل بعض خصائصه وصفاته. اما أنثى التمساح ففي أي مكان تضع بيضها يعرف مسبقاًَ أن هذا المكان هي حد إرتفاع النيل في أقصى إرتفاع له عند الفيضان في هذه السنة فهي لا تستطيع وضع بيضها في الماء وتخشى أيضاًَ أن تضعه بعيداًَ عن الماء وفي نظر المصريين الذين تأملوا هذا أن ذلك إدراك دقيق للمستقبل وأرجع بلينى صاحب كتاب التاريخ الطبيعي أن هذا يرجع لغريزة التنبؤ التي تكشف للتمساح المستقبل وكشف المستقبل صفة من صفات الإله وفي كتاب الموت أن الفرعون هو التمساح الذي إذا قبض على شىء لا يتركه ثم هو أوزوريس المخصب لإيزيس وهو رمز الشمس المضيئة المهيمنه على الكون المتسلح بالقوة والنور لطرد الظلام والشر فالتمساح ليس له لسان ولا يأكل في الشتاء ودائماًَ ما تكون عينه وأذنه فوق الماء له 60 فقرة 60 عصب 60 عضلة 60 سنه ويصوم 60 يوماًَ ويبيض في 60 يوم ويفقس بيضه في 60 يوماًَ وظهره سميك مثل السلحفاة وأبسط طول له 10 بوصة وليس له بطن ويمكنه أن يغوص في الماء الشتاء كله ويمتاز بالقوة والشراسة وكل متوفى يتمنى أن يصبح سوبك وعندما يموت سوبك يصبح أوزوريس وهو الذي ساعد إيزيس في جمع أشلاء أوزوريس وإرتبط بعبادة آمون وحورس. سوبك ذا الريشة الخضراء المتوج بالتاج الأبيض إبن رع السمكة العظيمة حاكم مجرى الأنهار الواحد دون رفيق حاكم حافة الصحراء سيد الدولة عظيم الوقار أقوى الأقوياء حاكم طيبة البازغ من نون ومازال الناس خاصة في صعيد مصر يتبركون بالتمساح ويعلقونه محنطاًًَ فوق دورهم وحوانيتهم وتباع في أسوان والقاهرة تماسيح صغيرة حية كأحد السلع السياحية وإن كان هذا محظور قانوناًَ والتمساح (بالإنجليزية: Crocodile) من أضخم الزواحف الحية, ينتمي إلى فصيلة التمساحيات، له جسم طويل وأرجل قصيرة وذنب طويل قوي يمكنه من السباحة، وأسنان حادة يقبض بها على فريسته، ويوجد 12 نوعاً من التماسيح، ومن الغرائب أنه لا يستطيع إخراج لسانه من فمه, وكذلك يمكن للتمساح أن يعيش دون طعام سبع مئه وأربعين يوم. تعيش التماسيح في المناطق الإستوائية، وتفضل المساحات الواسعة من المياه الضحلة والأنهار الراكدة والمستنقعات المفتوحة, وتساعد أقدامها ذات الأغشية على السير فوق الأرض الطريّة، كما أن أعينها وفتحات أنوفها ترتفع عن بقية أجسامها, وتلائم هذه الميزات حياة التماسيح؛ لأنها تحب أن تطفو وأعينها وأنوفها فوق سطح الماء. تتغذى التماسيح على الحيوانات الصغيرة كالأسماك، والطيور، كما تهاجم أحياناً الحيوانات الكبيرة والإنسان. ويستطيع التمساح أن يقطع حيواناً كبيراً بالإمساك به ومن ثم الدوران بسرعة بشكل طولي في الماء. وتضع التماسيح البيض، مثل معظم الزواحف, ويشبه بيض التماسيح بيض الدجاج، إلا أنه أكبر منه حجماً وقشرته أقل بريقاً, تخفي التماسيح بيضها في أعشاش من الفضلات والنبات أو تدفنه في الرمل على الشواطئ, وتقوم الأنثى في بعض الأنواع بحراسة العش إلى أن يفقس البيض, وعندما تسمع أصوات الصغار تحفر لإخراجها من العش. وتساعد بعض أنواع التماسيح صغارها على الخروج من البيض، ثم تحملها في أفواهها إلى الماء تتعرض التماسيح لعمليات الصيد على نطاق واسع بهدف الحصول على جلودها التي تستعمل في صنع الأحذية والحقائب, وقد أصبحت أنواع من التماسيح مهددة بالإنقراض وقد سُنَّت القوانين في بلدان عديدة من العالم لمنع صيد التماسيح ولتفقيسها في حاضنات, وبعد أن تَخْرج الصغار من البيض يتم إطلاقها في بيئتها الطبيعية.

ليست هناك تعليقات: