الخميس، 13 نوفمبر 2008

مارية القبطية

مارية القبطية
امراة من مصر فى بيت النبوة
كتب: عبدالمنعم عبدالعظيم
نبدء هذه الرحلة من مصر الى هذه الرحاب الطيبة الطاهرة من ارض الحجاز نصحب فيها فتاة فى ريعان الصبا ومقتبل الشباب تمتلىء حيوية وتتفجر انوثة من اسرة مصرية لها مكان بين القبط عظيم قروية من قرية صغيرة من قرى صعيد مصر كان اسمها حفن واسمها البطلمى انطونيوبوليس وهى احد اعمال مدينة انصنا القديمة قبالة ملوى بمحافظة المنيا اسمها الحالى قرية الشيخ عبادة نسبة الى الصحابى الجليل عبادة بن الصامت الذى بنى بها مسجدا
تخرج زينة فتيات القرية مع اختها سيرين يملئها الحب والامل فى الطريق الى اقدس واطهرملتقى الى المدينة المنورة سفيرة لمصر المحروسة وهدية الكنانة الى اشرف مخلوق محمد صلى الله عليه وسلم من جريج بن مينا عظيم القبط فى مصروصاحب عاصمة النور ايامها الاسكندرية والذى عرف فى التاريخ بالمقوقس
تقول ادبيات التاريخ واللاهوت القديم ان أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا ينتظرون نبيا " يبعث من جزيرة العرب تنبات به الكتب المقدسة .
وكان بعض من الرهبان يقيمون داخل مكة وحولها وعلى الجبال التي تربط بينها وبين الشام وكانوا يتحسسون أخبار هذا النبي من التجار الذين يخرجون من مكة أو الذين يقصدونها ولم تقف دائرة الانتظار وتتبع الأخبار عند هذا الحيز الذي يحيط بمكة وإنما اتسع ليصل إلى بلاد اليمن وبلاد الحبشة ومصر .
وكان بمصر في هذه الآونة مكتبة عامرة بالإسكندرية وكانت الإسكندرية لا تخلو من الباحثين عن هذه الحقيقة .
إن دائرة الخاصة بالإسكندرية بحثت عن هذه الحقيقة كما بحث عنها دائرة الخاصة في الحبشة وعلى رأسهم النجاشي وكما بحث عنها دائرة الخاصة في خيبر وعلى رأسهم صفية بنت حيى .ابن اخطب وكما اهتم النجاشي ملك الحبشة بالدعوة الخاتمة اهتم مقوقس الإسكندرية أيضا بهذه الدعوة .
ومن الثابت أن مصر كانت ترتبط بالحبشة يومئذ بروابط اقتصادية وسياسية وكانت الكنيسة الحبشية ترتبط بالكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية .
ومن هنا كان المقوقس بالنور الذى اضاء الجزيرة العربية وبدأ يشع على الدنيا بالهداية
يسال المقوقس شعبة ابن المغيرة الذى كان فى زيارة لمصر ومعه وفد من ثقيف ولم يكن اسلم ايامها: الام يدعو محمد ؟
فاجاب المغيرة : ان نعبد الله ونخلع ماكان يعبد ابائنا ويدعو الى الصلاة والزكاة وتحريم الخمر والزنا
فانشرح صدر المقوقس وقال : ان هذا الذى تصفون فيه نعت الانبياء
وفى عام الحديببية بعث النبى صلى الله عليه وسلم كتابا الى المقوقس ضمن مابعث من كتب الى القياصرة والاباطرة يدعوهم فيها إلى الإسلام، واهتم بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة و خبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، و النجاشي ملك الحبشة.
تلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوا رداً جميلا، ما عدا كسرى .ملك فارس، الذي مزق الكتاب.
كتاب المقوقس بعثه صلى الله عليه وسلم مع الصحابى الجليل حاطب بن ابى بلتعة اللخمى يدعوه فيه الى الاسلام
فرد عليه القوقس بكتاب قال فيه قرات كتابك وفهمت ما ذكرت وما تدعو اليه وقد اكرمت رسولك وبعثت لك بجاريتين لهما مكان بين القبط عظيم
وتقول كتب التاريخ أن مارية القبطية لم تكن جارية عادية شأنها كشأن غيرها من الجواري بمعنى إنها لم تكن من العامة وإنما كانت من الخاصة فعن عروة عن ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت : أهدى ملك بطارقة الروم المقوقس جارية من بنات الملوك يقال لها مارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال محمد بن اسحق اهدى المقوقس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع جوارى هن مارية بنت شمعون وامها رومية واختها سيرين التى اهداها النبى صلى الله عليه وسلم الى الشاعر حسان بن ثابت شاعر الرسول وولدت له ابنه عبدالرحمن
وخصى اسمه مابور وجارية اسمها قيسر وجارية سمراء اللون اسمها بربرة ثم الفرس ميمون وحمار اشهب اسمه يعفور وبغلة شهباء اسمها دلدل وروى ابن كثير وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب في المدينة البغلة التي أهداها إليه المقوقس وأنه ركبها يوم حنين وقد عمرت هذه البغلة طويلا وكانت عند علي بن أبي طالب الذى كان يركبها يوم الجمل ثم صارت إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . وكبرت حتى كان يحش لها الشعير لتأكله
الى جانب هدايا ذهبية وسواك وكمية من عسل بنها .
سار الركب المصرى فى طريقه الى الارض المقدسة فى نفس الطريق الذى سارته السيدة هاجر المصرية ام اسماعيل وزوج ابراهيم الخليل عليهما السلام .
على درب هذا الطريق تفتح قلب السيدة مارية القبطية الى الاسلام بعدما سمعت ما سمعت عن المصطفى ورسالته وغرد قلبها بالتوحيد واسلمت قبل ان ترى الحبيب صلى الله عليه وسلم .
وشاء لها القدر ان تكون سرية للمصطفى صلى الله عليه وسلم وتاخذ مكانها ومكانتها بين امهات المؤمنين وهن من هن من اشرف وانبل نساء العرب وشاء لها القدر ايضا وهى الاتية من ارض الخصب والنماء تلك التى ارتوت من ماء النيل ان تعطى للرسول مالم تعطه احدى عشر امراة ضمهن بيت النبوة فولدت له ولده ابراهيم فتهلل فرحا وبشرا وفخرا
وقد اثار عليها هذا الميلاد حقد ضرائرها فاخذن يكدن لها يحكن الدسائس فيتهمنها فى الخصى مابور الذى اهداه المقوقس معها للرسول صلى الله عليه وسلم وتاخذ النبى صلى الله عليه وسلم الحمية فيامر على ابن ابى طالب رضى الله عنه بقتله فيسال على بن ابى طالب كرم الله وجهه الرسول يارسول الله اكون كالسكة المحماه او الشاهد يرى مالايرى الغائب
فقال له الرسول بل الشاهد يرى ما لايرى الغائب
فذهب على ليقتله فراه مجبوبا وليس له ذكر فعاد الى رسول الله صلى الله علية وسلم فقال له انه لمجبوب هنا ظهرت براءة ام ابراهيم فيزداد حب الحبيب لها
وقد روى انه صلى الله عليه وسلم خلا بمارية فى يوم عائشة رضى الله عنها وعلمت بذلك حفصة بنت عمر رضى الله عنها فقال لها اكتمى على وقد حرمت مارية على نفسى وابشرك ان ابابكر وعمر يملكان من بعدى امر امتى
ولكنها اخبرت عائشة وكانا صديقتين وقيل خلا بها يوم حفصة فارضاها بذلك واكتمها فلم تكتم فطلقها واعتزل نساءه ومكث تسعة وعشرين ليلة فى بيت مارية
ونزلت سورة التحريم تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
يا ايها النبى لم تحرم ما احل الله لك تبتغى مرضاة ازواجك والله غفور رحيم
فاستغفر الرسول صلى الله عليه وسلم رب العزة جل جلاله وعاد الى مارية بعد ان اعتق رقبة كما قال مقاتل
ويشاء لها القدر ايضا ان تعيش محنة فقد فلذة كبدها ابراهيم بعد ثمانية عشر شهرا من مولده
تقول اختها سيرين حضر ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم الموت وكلما صحت انا واختى نهانا عن الصياح
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية : لما توفي إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم. بعث علي بن أبي طالب إلى أمه مارية . فحمله علي بن أبي طالب وجعله بين يديه على الفرس . ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فغسله وكفنه وخرج به وخرج الناس معه . فدفنه في الزقاق الذي يلي دار محمد بن زيد . فدخل علي بن أبي طالب في قبره . حتى سوى عليه ودفنه . ثم خرج ورش الماء على قبره وأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في قبره وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تدمع العين ويحزن القلب . ولا نقول ما يغضب الرب . وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون وانا لله ونا اليه لراجعون
فى هذا اليوم كسفت الشمس فقال الناس كسفت لموت ابراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس لاتكسف لموت احد ولا لحياته
وتعيش الام الثكلى بعد موت ابنها مكسورة الجناح ولم تلبث ان فقدت ارحم القلوب واحب الرجال محمد صلى الله عليه وسلم فى السنة الحادية عشرة من الهجرة فتعتزل حتى لاقت اجلها فى العام السادس عشر من الهجرة فى خلافة عمر بن الخطاب الذى جمع الناس بنفسه لشهود جنازتها وصلى عليها عمر ودفنت بالبقيع وقبرها هناك معروف
وظل الناس يتبركون بحفن قرية مارية القبطية ويسمون اولادهم حفنى نسبة اليها
ومازالت اثار البيت الذى ولدت وعاشت فية مارية واسرتها فى حفن(قرية الشيخ عبادة ) باقية الى الان بعد ان تم ترميمه فى عصر محمد على وحافظ الناس عليه كقيمة اثرية ومازال مسجد عبادة بن الصامت الصحابى الجليل الذى بناه بجوار بيت مارية
وتناست مصلحة الاثار الاهتمام بهذه المنطقة سياحيا برغم انها والاشمونين قبالتها تشكل قيمة تاريخية واثرية
ومازالت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم باهل مصر اكراما للسيدة هاجر المصرية ام اسماعيل وزوج ابا الانبياء خليل الله ابراهيم عليه السلام ومارية القبطية فهما النسب والصهر قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم فى صحيحة
ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فان لكم منهم صهرا وذمة
وفى حديث اخر روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه
ستفتح عليم بعدى مدينة يذكر فيها القيراط فاستوصوا باهلها خيرا فان لهم ذمة ورحما
وقوله اوصيكم باهل البلدة السوداء السحم الجعاد فان لهم ذمة ورحما
وقد رفع معاوية بن ابى سفيان الخراج عن اهل حفن لانهم اخوال ابراهيم بن محمد صلى الله عليه وسلم من مارية
خلفية
بعث المقوقس عظيم القبط فى مصر بخطاب الى مارية القبطية وكان الخطاب حول سؤال عن الاسلام
قالت مارية فى ردها على المقوقس انه العقل الجديد والروح الجديد والنور الجديد .. نبيهم اطهر من السحابة فى يوم صائف ..اذا رفعوا السيف رفعوه بقانون ..واذا وضعوا السيف وضعوه بقانون .. يفتحون البلاد باخلاقهم قبل سيوفهم .. يغسلون اطرافهم قبل ان يقفوا فى محرابهم
عبدالمنعــم عبدالعظــيم
الاقصـــر .. مصــرmonemazim@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: