الصناعات الشعبية تجربة انسانية
عبدالمنعم عبدالعظيم mailto:monemazim2007@yahoo.com?subject=الحوار المتمدن -الصناعات الشعبية تجربة انسانية&body=Comments about your article http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=121504 الحوار المتمدن - العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16
4.8 / 5 Rate this article More from same author -->فى تاريخ الحضارة الانسانية معالم ثابتة تكشف عن عمق وثراء تجربة مجتمع ما وتحضره وتستطيع انتنقب فيها عن جذور الاصالة وتكتشف كيف تعبر عن ثقافة الانسان وتقدمه وامنه النفسىمعالم تستمر مع مسيرة الانسان لايمكن تزييفها او تشويه معالمها وتظل شاهدا حيا على الثراء الثقافى والتقدم والتحضر تلكم هى المورثات التراثية والتى تعد الفنون الشعبية الفطرية ابرزهاولعلنا لانبالغ اذا وضعنا التراث المصرى الاصيل اصالة حضارتها فى مقدمة هذه التجارب الانسانية العميقة فمصر باثارها الشامخة ورموزها الخالدة الباقية وامتدادها المتواصل فى الوجدان الشعبى واستمرارها حتى مشارف هذا القرن تواصل تواجدها التاريخى فى تواصل عجيب استمر عبر هذه الاف من السنيناذا زرت كرداسة او نقادة او جراجوس او ارمنت الحيط او منشاة العمارى او القرنة او اسنا او النوبه بل وكل قرية مصرية وفتشت عن جذور الاصالة لن تحتاج الى النقوش القديمة لتترجم معانيها ولا الى المراجع التاريخية لتصف لك الماضى ستجد امامك الانسان المصرى الذى عرفناه منذ الاف السنين بنفس ملامحه ونفس ادواته البدائية ونفس الشفافية والعمق والثراء الفنىستجد امامك الفراعنة احياء يواصلون رحلة الابداع والعطاء الفنى فى مدرسة من اعرق مدارس الفطرة الانسانية تلتقى فى ارمنت والاقصر مع صناعة الحصير نفس الخامات "نبات الحلفا او السمار " نفس النول الفرعونى القديم المصنوع من اشجار الاثل والحبال المجدولة من ليف النخيل ولاشىء خارج عطاء الطبيعة حتى الالوان طبيعية وفى قنا والمحروسة ومنشاه العمارى وادفو صتاعة متكاملة للاوانى الفخارية من الطفلة المتوافرة بوادى قنا والاودية القريبة من مناطق التصنيع الدلاب الدوار هو نفس الدولاب الدوار المنقوش على جدران المعابد الفرعونية قدم الفنان الحافية تدير الدولاب فى حركة دورانية منتظمة وبد الفنان تشكل الاوانى فى اشكال بديعة وتخرج لنا هذه الابداعات بعد حرقها فى فرن تقليدى يستخدم فيها وقود من سيقان الاشجار والمخلفات النباتية وتخرج لنا القلة والابريق والماجور والطاجن والمرسية والنطال والبرمة والزير والمبخرة والموقد والملذ وكل اسم انية يعبر عن حجم وشكل واستخدام معين وهذه الاسماء هى نفس الاسماء الفرعونية القديمة لهاوفى جراجوس القرية التى اشتهرت بالموسيقى الشعبية "المزمار البلدى" تنافس العالم فى صناعة الخزف اليدوى المتميز وقد استطاع الراهب الفرنسى مونيفييه ان يجمع فنانى جراجوس الفطريين فى مصنع واحد وضع تصميماته شيخ المهندسين المصريين الراحل حسن فتحى صاحب تجربة عمارة الفقراء ومصمم قرية القرنة التى استخدم فى بناءها الطوب الاخضر والطين والاسقف المقببة خامات جراجوس من الطفلة الاسوانية " الطين الاسوانلى " والالوان من الطبيعة وخاماتها وهذه القرية يحرص المهتمين بالفنون على زيارتها ومن ضمنهم ملك السويد وهناك تجربة مماثلة فى قرية حجازةوعلى الدرب نزور قرية نقادة حيث يعمل اكثر من 25000 فنان فطرى فى صناعة الفركة وهى الثوب الشعبى السوادنى المكون من قطعة واحدة " فوطة " تلف على جسم المراة بدون حياكة ويصنع من الحرير بطريقة يدوية مميزة ولايخلو منزل فى نقادة من نول او اكثر لصناعة الفركة التى تصدر للسودان ولاتوجد اسرة لايعمل افرادها فى صناعة النسيج اليدوى وفى ارمنت الحيط شارع كامل كل منزل فيه به نول لصناعة الكليم مثل مدينة اخميم ويصنع من صوف الاغنام برسومات مميزة تغبر عن فنون متوارثة عبر الاف السنينوفى القرنة يتعامل الفنان الفطرى مع الحجر ويشكل منه تماثيل تضاهى تماثيل الاجداد ويشكل من الحجر ايضا الاوانى والحلى فرعونية الطراز بنفس الادوات وبنفس المقدرة الفنية ولاتكاد تفرق القديم من الجديد الا معامل الكيمياء وهناك ايضا صناعة ورق البردى من نبات البردى النيلى الاصيل وتستخدم فى صناعته درافيل خشبية بعد النقع فى الماء ووضعه على طاولة شرائح افقية وراسية ثم الكبس والتجفيف والرسم عليه بالوان طبيعيةثم ناتى الى صناعة الاثاث من جريد النخيل والسلال"المقاطيف والقفة " من سعف النحيل والحبال من الليفهذه مجرد نماذج من مدرسة الفنون الفطرية المصرية اعرق مدارس الفنون الفطرية فى العالم على الاطلاقانها ولاشك تجربة انسانية حية تعيش فى القرية تواصل العطاء بتلقائية وبساطة وشفافية فنية قديرةانها انجح وارقى وانفع مشروعات الاسر المنتجة لم تنظمها هيئة حكومية ولاتمولها منظمة اجتماعية تحس فيها بعبق التاريخ وعبير الحضارة وروح مصر ام الدنيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق