الطيور الخيالية التى عاشت فى وجداننا
كتب : عبدالمنعم عبدالعظيم
فى عالم الطير طيور اعتقد الناس بوجودها صنعها الخيال الشعبى وبالغ الناس فى وصفها ونسجو حولها الاساطير والقصص والحكايات ومالبثوا ان صدقوا هذه الخيالات وتضمنتها روايات كالف ليله وقصص السندباد وغيرها حتى صرنا نحن ايضا نحلق بخيالاتنا مع هذه الطيور الخارقة ونعيد سرد حكايات الجدات حولها ونضيف اليها من خيالنا ايضا اسفار من كتب التراث وساهمت السينما فى نشرها فى عديد من افلام الرعب والخيال العلمى من هذه الطيور طائر الرخ الذى نجد وصفه فى رحلات السندباد البحرى من حكايات الف ليله وليلةالرخ طائر عظيم الخلقة كبير الجثة عريض الاجنحة متى طار غطى عين الشمس واظلم الجو وحجب الشمس عن الجزيرةوورد فى احد سفريات السندباد انه راى فى احدى الجزر قبة كبيرة ملساء ناعمة لاباب لها فلم يطق الصعود عليها لملامستها وكانت استدارتها خمسين خطوة وانه راى فى الجو غيمة كبيرة فتاملها فاذا هى طير الرخ وتلك القبة هى بيضته وقد وصفه داود الانطاكى بانه طائر يقارب حجم الجمل وارفع منه وعنقه طويل شديد البياض مطوق بصفره وفى بطنه ورجليه خطوط غبر وليس فى الطيور اعظم منه جثة وهو هندى يعيش فى جبال سرنديب وبرملقة ويقال انه يقصد المراكب فيغرق ركابها ويبيض على البر بيضة كالقبة وذكر الدمشقى فى تحفة الدهر ان ريشه كان يباع فى عدن وكانوا يسمونه بملك الطير ويصفون قوته الخارقة ومنقاره القوى الحاد ومخالبه المحدبة التى ينشبها فى الجواميس والفيلة عند طيرانه اما ذيله فيشبه برج نمرود وعندما يطير فى السماء تبدوا جناحاه كشراع سفينة تهتز لحركتها الجبالوقال الدميرى الرخ طائر يعيش فى جزائر بحر الصين يكون طول الواحد من اجنحته عشرة الاف باعوقال الجاحظ وابوحامد الاندلسى ان رجل من التجار سافر الى الصين واقام بها مدة وكان عندة ريشة من ريش جناح الرخ تسع قربة ماء وكان يقول انه سافر مرة فى بحر الصين فالقتهم الريح فى جزيرة عظيمة فخرج اليها ركاب السفينة لياخذو منها الماء والحطب فراوا قبة عظيمة يزيد ارتفاعها عن مائة زراع ولها لمعان وبريق فلما دنوا منها اذا هى بيضة الرخ فجعلوا يضربونها بالخشب والفئوس والحجارة حتى انشقت عن فرخ كانه جبل فتعلقوا بريشه من جناحة فجروه فنفض جناحة فبقيت هذه الريشة معهم وخرج اصلها من جناحه ولم يكمل بعد خلقه فقتلوه وحملوا ماقدروا عليه من لحمه 0العنقاءاهتم العرب واليونان والرومان والهنود والفرس اهتماما خاصا بالعنقاء ورغم ان المثل بعتبر العنقاء احدى المستحيلات الثلاث الغول والعنقاء والخل الوفى الا انهم اعتقدوا بوجودها ووصفوا مزاياها وطرق معيشتها ونسجوا حولها الحكايات فزعم اوفيد الشاعر الرومانى الشهير ان العنقاء لاتعيش كما يعيش غيرها من جوارح الطير كالعقاب او من كواسر الليل كالبوم او من الجواثم كالعصافير فتاكل اللحوم او الحشرات او الحبوب او الثمار انما تتغذى على الكندر واللبان والاصماغ الزكية الرائحة فما ان يبلغ سن الذكر خمسمائة عام يبنى له وكرا فوق اغصان شجر السنديان او النخيل ثم يشرع يكدس فية اعواد القرفة والناردين والمر على هيئة ركام يجثم فوقه فيلفظ عليه انفاسه الاخيرة ووسط عبير الطيب المتصاعد مع الدخان ومن بين هذا الركام المعطر يخرج من بين حطام الطير الكبير فرخ جديد ليخلفه ويحيا حياته فاذا كبر واشتد عوده حمل الوكر الذى يضم رفات ابيه الى هليوبوليس عين شمس اون بمصر ويضعه هناك فى معبد الشمس 0وفى خيال الشعب يضرب بالعنقاء المثل وشبهوها بالداهية التى تذهب بشخص ما فتغربه عن اهله (النداهة)ويقول العرب انها سميت العنقاء لان فى عنقها طوقا ابيض وقال المسعودى ان العنقاء لها ريش متعدد الالوان واربعة اجنحة ملونة على كل جانب من جوانيها ووجه كوجوه الرجال ومنقار قوى كمنقار العقاب ومخالب قويةوقال الدميرى انها تبيض بيضا كالجبال وتبعد فى طيرانها وتحوى نسخة من كتابه حياة الحيوان الكبرى طبعت فى القرن التاسع عشر فى هوامشها رسوم صغيرة تمثل الاشكال التى جاء وصفها فى النص وجاء فيها ايضا صورة للعنقاء على شكل انسان طائر يتطابق مع الشكل المعروف فى العصور الوسطىاما القزوينى فيقول انها اعظم الطير جثة واكبرها خلقة تخطف الفيل كما تخطف الحداة الفار وعند طيرانها يسمع لاجنحتها دوى كدوى الرعد العاصف وتعيش الفى سنة وتتزاوج اذا صار عمرها خمسمائة عام فاذا حان وقت بيضها يظهر بها الم شديد فياتى الذكر بماء البحر بمنقاره فيحقنه بها فتخرج البيضة منها ويفرخ البيض خلال مائة وخمس وعشرون سنة ويوقد الذكر بمنقاره نارا فتخدل الانثى النار فتحترق فيبقى الفرخ زوج الذكر وان كان الفرخ ذكرا فالعنقاء الذكر يفعل مثل ذلك ويبقى الفرخ زوج الانثىوجاء فى اساطير قدماء المصريين ان العنقاء اذا بلغت المائة الخامسة من عمرها احرقت نفسها وبرز من رمادها عنقاء اخرىقال الكسائى كان بمدينة الرس جبل عال يقال له جبل الفلج كانت تاوى العنقاء اليه وسماها بنت الريح وكانت عظيمة الخلقة اذا طارت تغطى عين الشمس مثل الغمام وكان عنقها مثل عنق البعير وكان لها اربع اجنحة اثنان طويلان واثنان قصيران وكان لريشها الوان وكانت ترفع الفرس والميت والبعير والفيل وما اشبه ذلك بمنقارها وتطير به الى الجبل الذى تاوى اليهوقد ناقش الجاحظ الخطا الوارد فى تسمية العنقاء بوحيد القرن والجاحظ يرى ان العنقاء هى طائر الرخ الذى كانت ترسم صورته غى سجاجيد الملوك وشاع هذا بعد عصره ومع مرور الزمن فقدت العنقاء بعض خصائصها واصبحت هى الرخالسمندل طائر النارمن الطيور التى عاشت فى خيال الناس طائر السمندل او السندل او السمند او السمندر او السمندون او السمندور او السمندوك او السمندول او السبندل و السبند الى اخر تلك الاسماء التى اطلقت على السمندل بفتح السين والميم والمشتق من سام بمعنى النار واندرون بمعنى داخل اى طائر النار وفى كتاب النعوت لارسطو قال يدل السمندل على ان الحيوانات قد تعيش فى النار ويقال ان النار تنطفىء اذا مشى عليهاويقول الدميرى ان السمندل يتلذذ بالنار ومكثه فيها واذا اتسخ جلده لايغسل الا بالنار وكثيرا ما يوجد بالهند وهو دابة دون الثعلب خلنجية اللون حمراء العين ذات ذنب طويل ينسج من وبرها مناديل اذا اتسخت القيت فى النار فتنظف وزعم اخرون ان السمندل طائر يبيض ويفرخ فى النار دون ان تؤثر فيه ويعمل من ريشه مناديل لاتحترق بالناروقال ابن خلكان رايت قطعة ثخينة منسوجة على هيئة حزام الدابة فى طول الحزام وعرضه طرحوها فى النار فلم تؤثر فيها وغمسوا احد جوانبه فى الزيت وتركوه على فتيلة السراج فاشتعل وبقى زمانا طويلا يشتعل وتم اطفاؤه وهو على حاله ونقل الثعالبى عن الجاحظ انه طائر فى طباعه وطباع ريشه مزاج من طلاء النفاطين لايحترقويذكر الثعالبى فى الثمرات ان السمندل نارى يعيش فى النار كما يعيش طير الماء فى الماء وقال اخرون هو طير اذا هرم دخل نار الاتون فيمكث فيها ساعات فيتجدد شبابهوقال الفيروزابادى ان السمندل طائر اذا طال عمره وهرم القى نفسه فى الجمر فيعود الى شبابهالفينيقاول من كتب عن هذا الطائر ابوالتاريخ هيرودوت الذى قال ان الفينق طائر مقدس لم اشاهده الا فى الصور اذ ان زيارته لمصر والطريقة التى يتبعها فى عملية الدفن هى ان ياخذ بعض المر ويكونه فى نادرة يزورها مرة كل خمسمائة عام عندما يفارق الطائر الاب الحياة يجلب هذا الطائر اباه فى كتلة من المر اليمانى ليدفنة فى معبد الشمس بهليوبوليس شكل بيضة ضخمة وبعد ذلك يقوم بتفريغ مافى هذه البيضة من المر يضع فيه الطائر الميت ويدفنه فى معبد الشمس ويردف هيرودوت انه روى القصة كما قيات له ولم براها واضاف انه لم يصدقها 0وظل المؤرخون يكتبون عن الفينق منذ اقدم العصور الى العصور الوسطىوكان الاباطرة الرومان كثيرا ماينقشون صورته على النقود معتبرين ان الفينق رمزا الهيا لبزوغ فجر جديد للعالم تحت ظل حكمهموذكر اليونان انه طائر يقطن الصحارى العربية ويعمر اجيالا كثيرةوقال غيرهم انه طائر بحجم النسر ذا عرف وهاج وقنزعة ذهبية وريش مبرقش وذنب ابيض وعينان لهما بريق النجوم وكان اذا شعر بقرب نهايته بنى عشا بغصون يطيبها بالطيب ويعرضها لحرارة الشمس فتلتهب ويحرق فيها نفسه حيا تم تتكون من رماده شرنقة تنشق عن فرخ جديد يحمل بقايا ابيه الى مدينة الشمس اون هيليوبوليس عين شمس الان ليضعها فى هيكل اله الشمس رعواتخذ المسيحيين من الفينق فى عصور المسيحية الاولى رمزا للقيامة والبعثكما جعله الصينيين رمزا للسعادة والفضيلة والذكاءكما ان الالوان الخمسة المقدسة ماخوذة من الوان ريشهواغلب الرويات تتفق على ان الجزيرة العربية موطن هذا الطائر الذى يحيا خمسة قرون يغادر فى نهايتها موطنه الاصلى الى مدينة الشمس اون هليوبوليس حيث يبنى لنفسه عشا فى معبد اله الشمس رع من براعم واغصان الاشجار الزكية الرائحة ثم يرقد فوق هذه الاعشاب ويحرك جناحيه فوقها ببطء وجلال ثم تسلط الشمس اشعتها المحرقة على عرش الموت هذا حتى يشب فيه اللهيب وتتصاعد منه النيران التى ماتلبث ان تخبو ومن بين الرماد المتوهج والدخان المتصاعد يرتفع الى الجو فينق جديد وقد توج بايات الجلال والروعة فيتسلق عنان السماء ثم يولى وجهه نحو الشرق فيطير اليه سابحا فى بحر من الشعاع حتى يصل الى موطنه الاصلى فى بلاد العرب حيث يحيا خمسمائة عام اخرى يعيد فى نهايتها نفس الرحلة وهكذا دواليكالفقمسنواصل الرحلة مع طائر اخر هوالفقمس قال ابن اياس فى حديثه عن جزيرة الاندلس وبلاد البربر ان هناك طائرا يعرف باسم الفقمس حسن الصوت اذا غلبت عليه شدة الطرب يموت من ساعته واذا حانت نهايته حسن صونه قبل موته بسبعة ايام فلا يمكن ان يسمع صوته وهو فى شدة صياحه فيخشى على نفسه ان يموت من الطرب فيسد اذنه سدا محكما ويفتح اذنيه شيئا فشيئا ثم يستكمل فتح الاذن فى ثلاثة ايام الى ان يصل الى سماعه رتبة بعد رتبةوقيل ان هذا الطائر غرق هو وافراخه عندما هجم الماء الطوفان على تلك الارض فلم يبق له وجود بعد ذلكونقل صاحب المعجم الزوولوجى عن ابن سينا من كتابه الشفاء ما يتمم رواية ابن اياس انه طائر عظيم بمنقاره اربعون ثقبا يصوت بكل الانغام والالحان الجميلة العجيبة المطربة ياتى الى راس جبل فيجمع من الحطب ماشاء ويقعد ينوح على نفسه اربعون يوما فيجمع حوله العالم يستمعون الى شدوه ويستمتعون بحسن صوته ثم يصعد على الحطب ويصفق بجناحيه قتقدح منها نار فيحترق الحطب و يصيرالطائر رمادا فيتكون منه طائر جديد مثلهوزاد اخر انه اذا سقط المطر على ذلك الرماد تولد منه دود ثم تنبت له اجنحة فيصير طيرا يطير كما فعل الاول0الهامة الصدىزعم الخيال الشعبى ان النفس الانسانية طائر ينبسط فى حجم الانسان فاذا قتل يظل مطبقا به فى صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشا وبرغم حديث رسول الله صلى الله علبه وسلم لاهام ولا لاصفرالا ان الاعتقاد ظل راسخا فى الوجدان الشعبى ان هذا الطائر يكون صغيرا ثم يكبر حتى يصير فى حجم البوم وهى دوما تتوحش وتصدح وتوجد فى الخرائب الغير مسكونه والنواويس وحيث مصارع القتلى واجداث الموتى ويزعمون ان الهامة لاتزال على ذلك لتعلم الميت بما يكون بعدهوتناول الشعراء حكاية هذا الطائر فيقول امية بن الصلت لبنيه هامى تخبرنى بما تستشعروا فتجنبو الشنعاء والمكروهاويقول توبة فى ليلى الاخيليةولو ان ليلى الاخيلية سلمت على ودونى جدول وصقائحلسلمت تسليم البشاشة اوزقا اليها صدى من جانب القبر سائحوالصدى طائر معروف عند العرب يخلق من راس المقتول اذا لم يؤخذ بثاره بقول اسقونى اسقونى حتى يقتل قاتله لذلك قيل صاد والصدى العطشانقال ذو الاصبع الشيبانىيا عمرو الا تدع شتمى ومنقصتى اضربك حتى تقول الهامة اسقونىوقال قيس بن الملوح مجنون ليلى العرب كانت تتشائم بالهامة وكانت اذا سقطت على دار قالوا نعت اليه اهله او بعض اهلهولو تلتقى اصداؤنا بعد موتنا ومن دوننا رمس من الارض انكبلظل صدى رمسى وان كنت رمة اصوت صدى ليلى يهش ويطربوالحديث الذى رواه مسلم وغيره عن جابرقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصفر ولاهامةفيه ناويلان احدهما للامام مالك بن انس ان العرب كانت تتشائم بالهامة وكانت اذا سقطت على دار احدهم فالوا نعت اليه نفسه او بعض اهلهوالثانى ان العرب كانت تعتقد ان روح القتيل الذى لم يؤخذ بثاره تصير هامة فتزعق عند قبره وتقول اسقونى اسقونى من دم قاتلى فان اخذوا ثاره طارتعلها رحله فى تراثنا الخيالى مازالت تعيش فى وجداننا وانا شخصيا وبعد كل هذا العمر يرعبنى مكان فيه قتيل لم يؤخذ ثاره واتصور ان هناك صن او هامة فى هذا المكانواعيش مع رموزها حيث التجدد والخلق والبعث والخلود وقلق الانسان من رحلة الفناء
إشترك
إشترك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق