طرابلس :02/11/2008
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الفاضل/ عبدالمنعم عبدالعظيم
تحية طيبة وبعد.
أود أن أشكرك جزيل الشكر والتقدير على رسائلك الأخيرة، وقبل أن ابدأ أريد أن أسألــــك ( صحتك عاملة أيه ان شاءالله أنت أحسن دلوقتى) ،وصحة جميع أفراد أسرتك، وأرجو إن يكون الجميع بخير وبعافية ، وكيف حال الأميرة الصغيرة آية.
أنا بخير والحمدالله أسرتي كلهم بصحة جيدة وهذا رضا من الله سبحانه وتعالى نشكره على كل شيء على الصحة والستر وراحة البال،اللهم يا ربى لا تمنعها عن مؤمن في هذه الدنيا.
وأنت سيد عبدالمنعم كيف حال الكتابة معك، قرأت لك موضوع عن ألآله سوبك نشر على (موقع ميديل ايست اون لاين) كعادتك سيد عبدالمنعم بحر هادر من المعلومات الجميلة، والأسلوب المريح المفعم بالحب الكبير لمصر ولتاريخها،أنت كنز ثقافي، صندوق مليء بالأفكار المتلألئة ، ارض خصبة، نهر دافق بالحياة لمصر العظيمة حفظها الله من كل سوء وكل شر..
لا اعرف ماذا قول لكم ،مبروك على أخبار الأقصر الجديدة أو اكتفى بالاندهاش، قرأت أن منظمة اليونسكو راضية جداً على عمليات التطوير هناك، هذه أخبار تشرح القلب وتسعده، وفى نفس الوقت هناك انتقادات عديدة من قبل السكان وبعض أعضاء مصلحة الآثار المصرية الذين ينتقدون خطة توسيع الكورنيش، وبناء مرفأ جديد لرسو 250 باخرة سياحية، بالطبع هذه الأشياء لا يمكن ان تبنى والأقصر مدينة عامرة بالمباني والنوادي والشوارع والبيوت والمحلات، إلا بعد عملية هدم كبيرة، وقرأت انه سيتم هدم بيوت من القرن الـ19 بالإضافة إلى حدائق، ونوادي ضباط، ومسجد، واستراحة للطائفة القبطية الكاثوليكية وحدائق منزل شيكاجو، والكثير من بيوت الناس.
خطة تطوير الأقصر حدد لها 20 سنة، وقد مر الآن 10 سنوات على تنفيذ المرحلة الأولى وبدأت المرحلة الثانية من الخطة تكشر عن أنيابها ، الناس مصدومة من الأخبار السيئة فقد علموا ان خطة التطوير هذه تحمل معها الخراب لهم، حيث سيتم هدم الكثير من ممتلكاتهم ومصدر رزقهم، لأجل تطوير المدينة. من وجهة نظري اكبر خطأ يرتكبها محافظ الأقصر د. سمير فرج، إذا كان هذا الكلام صحيح، الأقصر مدينة لها خصوصيتها الفريدة في مصر، لها طابع عمراني وسكاني مميز ،عن بقية مدن مصر الأخرى كالقاهرة الإسكندرية الفيوم والغردقة المنيا وو الخ، فلماذا عملية الإزالة هذه، ألا يمكن تطوير المدينة وتحديثها بطابعها المحلى الجميل،دون اللجوء إلى تحويل الأقصر، إلى مدينة ديزني لاند، أو مدينة شبيهة بشرم الشيخ، لماذا يظن البعض أن تطوير مدنهم يجب أن يكون على الشكل الأوربي ، من الخطأ أن يتم تطوير المدينة لكسب رضا السواح فقط، وأنا متأكدة أن السائح لن تعجبه مثل هذه التطويرات، فهو يترك بيئته ليزور بيئة أخرى مغايرة كلياً عن بيئته لا تشبهها أبداً ، السائح الأجنبي يبحث عن الإثارة والتشويق والسحر،وهم لا يأتون لزيارة الأقصر ومشاهدة آثارها في البر الشرقي والغربي فقط ،وإنما يأتون لمشاهدة والتعرف على خصوصية السكان ، التعرف على تقاليدهم وتراثهم وبيئتهم البسيطة ونمط حياتهم ،لمشاهدة الناس وهم يمارسون حياتهم العادية واليومية، لمشاهدة طابع المدينة المحلى المتمثل في محلاتها وبيوتها وطرقها ومساجدها وكنائسها، البسيطة الجميلة التي تحمل بصمة سكان الأقصر المميزة . هذه مصيبة رأس المال المتوحش الذي لا يهمه لا تراث ولا بيئة ولا خصوصية ، كل الذي يهمه المحلات والأسواق الكبيرة والفنادق الفاخرة والبيوت المريحة ونوادى الصفوة، لو حدث هذا فالأقصر ستخسر الكثير من مقوماتها السياحية . يهمني معرفة رأيك في هذا الموضوع، أرجو أن تعلمني بحقيقة الأمر، ولك جزيل الشكر.
والأخبار غير الجيدة (أخبار حوادث السير المميتة) لديكم ،آخر ضحاياها حافلة سياحية قتل فيها 6 سواح من بلجيكا، يعلم الله وحده كم مصري قتل في هذه الطرق المجنونة، قيادة السيارة في مصر مجازفة خطيرة جداً، وعبور الشارع معجزة إلهية، ولاحظت أن السائق لا يحترم حياة الشخص الذي يعبر الشارع، سرعة رهيبة وعدم توقف ولو للحظة، والسائق يعتبرها من المستحيلات وعلامات الآخرة لديه أن يسمح لأحد بعبور الشارع ،ربما يعتبر توقفه للحظة إهانة تحسب عليه.
حتى هنا في ليبيا نفس المشكلة، كل شخص يخرج إلى الشارع لا يعرف إذا كان سيعود ام لا، الحوادث يوميا تحصد أرواح العشرات من الأبرياء، أطفال وشباب وشيوخ الكل ضحية لتهور وسرعة سائق أناني لا يقدر روح الإنسان ، ما دام يستطيع ان يضع رجله على البنزين ويده على المقود كل شيء آخر لا يهم.
الحل في وجهة نظري عقوبات شديدة وقاسية جداً تصل إلى السجن لسنوات طويلة،وغرامة مالية (تقطم وسطه) حتى يعرف أن الله حق، وان هذا الشخص الذي تسبب في موته لم يطلب الموت تحت عجلات سيارته، وإذا تم تشديد العقوبات والابتعاد عن كلمة قضاء وقدر ،وعمره ، ومكتوب، سيفكر كل سائق مليون لا بل مليار مرة أن يقود سيارته بأدب واحترام وسيجعل حياة الناس ثمينة كحياته هو شخصياً . لكن التساهل مع هؤلاء نتائجها ماثلة أمام الجميع، كأننا في حرب أهلية طاحنة ولا حول ولا قوة إلا بالله. آخر الحوادث البشعة في مدينة طرابلس ، مقتل شاب ووالده ، حيث لم يكتب له أن يفرح، فقتله تهور سائق ارعن، الشاب كان قد أتم مناقشة رسالة الإجازة العليا في الجامعة وبدل أن يعود إلى أسرته والسعادة تغمره، عاد إليهم في تابوت برفقة والده الذي قتل معه في الحادث.وهذه الحكاية لها بقية السائق الذي تسبب بالحادث قتل هو وشخص آخر،وشخص ثالث كان معه في السيارة، في حالة حرجة جداً.نسأل الله السلامة للجميع أينما كانوا.
سيد عبدالمنعم ،ذكرت شخصيات أجنبية عديدة في مقالاتك، مما لهم علاقة بعلم المصريات والآثار المصرية ونادر ما تذكر اسم شخصية مصرية، لماذا لا تكتب عن أهم الشخصيات المصرية التي ساهمت في كتابة أو صيانة أو اكتشاف الآثار المصرية، وهى عديدة مثل المرحوم سليم حسن الذي كان أول مصري شغل منصب وكيل عام مصلحة الآثار وكان أيضا أول مصري قاد حملات تنقيب في الهرم واكتشف اكبر مقبرة هناك هي مقبرة(رع ور) ، وفى سقارة اكتشف مقبرة الملكة خنت كاوس ، ولم يشغله عمله عن الكتابة فهو صاحب موسوعة عن تاريخ مصر القديمة ( 16 مجلد). توفى قبل إنهاء كتابة موسوعته.
والراحل الكبير كمال الملاخ ، صاحب اكتشاف مراكب الشمس في منطقة أهرامات الجيزة، والدكتور.أحمد صالح عبدالله المتخصص في علم المومياوات، وجاب على جاب الله، والدكتور محمد عبدالحليم نور الدين، ود. زاهي حواس قنبلة الآثار المصرية الموقوتة، هذا الرجل قدم إسهامات لمصر لم يقدمها احد غيره، بالطبع لا استطيع أن أنكر دور كل من قدم خدمة لآثار مصر، ولكن د. زاهي غيرهم جميعاً، الرجل عبارة عن مؤسسة متحركة ، ترك بصماته في كل ما له علاقة بآثار مصر، بنى متاحف كثيرة في جميع أنحاء مصر (العريش متحف اخناتون في المنيا متحف رشيد) واكتشافاته الكثيرة وإشرافه على حملات التنقيب وإعادة الآثار المسروقة، وإعداد جيل مصري جديد من حملة الشهادات لمواصلة مسيرة ترميم الآثار والبحث عنها، وإعادة تأهيل الكوادر المصرية العاملة في مصلحة الآثار،واهم هذه الكوادر إعادة تأهيل خفراء المناطق الأثرية ، هؤلاء بسبب رواتبهم المتدنية وجهلهم بالقيمة التاريخية للآثار سببوا الكثير من الخراب للآثار أما بالتعاون مع لصوص الآثار والسماح لهم بنبش الأماكن غير المكتشفة، أو السماح لمن يدفع بالدخول إلى الأماكن الممنوع دخولها، ( أماكن أثرية مغلقة على العامة لأسباب عديدة، أهمها الصيانة، أو بسبب الدمار الشديد مثل بعض المقابر). ود. حواس له الفضل الأول والأخير لمحاولاته العديدة لإصدار قوانين تحمى آثار مصر من اللصوص.
سيدي الكريم إلى هنا استودعك على أمل أن اسمع منك قريباً وكل عام وأنت وأفراد أسرتك بألف خير وعافية.
حتى نسترد آثارنا المسروقة بالخارج؟عجائب المتحف "المصري" ببريطانيا!
محيط - أكسفورد - من رانيا صالح
ما أن عرف زملائي بأكسفورد أني مصرية حتى بادروني بسؤالهم: "ذهبت الى المتحف البريطاني؟" وما أن أجاوب بالنفي حتى يعلقوا : "اذهبي ...من الضروري أن تذهبي؟" وأضاف أحدهم وهو أرجنتيني الجنسية : "كيف تستطيعون أن تتحملوا رؤية آثاركم المسروقة معروضة خارج بلادكم؟ " وكانت اجابتي دبلوماسية: "في بلدي وزارة معنية بعودة الآثار المصرية من الخارج وهناك مفاوضات تتم في هذا الخصوص...". فلم أجد لردي وقعا قويا عليه أو على غيره أو حتى على نفسي بعد ذلك.وجاء اليوم الذي خصصته لزيارة المتحف البريطاني والذي يقع في مدينة الضباب لندن والتي تبعد عن أكسفورد حوالي الساعة والنصف بالأوتوبيس. ثم أخذت مترو الأنفاق في لندن وغادرت محطة Tottenham Court Road ومنها سيرا حتى وصلت الى شارع Great Russell St. حيث يحتل احدى جانبيه المتحف الذي يرجع انشاؤه إلى عام 1753 والذي تزدحم الساحة الخارجية لمدخله بأناس من مختلف الجنسيات متفرقين يتبادلون التقاط الصور ويعتلي وجوههم مزيج من الفرح والسرور.زاد من دهشتي أن المتحف والذي يتعدى مقتنياته الـ 13 مليون قطعة أثرية يفتح أبوابه مجانا لجمهوره , كما أنه يسمح بالتصوير داخله من غير مقابل مادي!! ووجدت نفسي بعد دخولي للمتحف أسير في أكبر ساحة مغطاة صممت للعامة بأوروبا واسمها Great Court وأرى السماء فوقي من خلال السقف الزجاجي وكأني أسير في قلب قطعة من الكريستال. كانت المساحة بالفعل ملئية بالزوار, بعضهم كانوا رواد مطعم احتل مكانه على أحد جانبي الساحة بتبادلون الحديث ويرتشفون أكواب من الشاي أو القهوة أو يتناولون وجبات خفيفة والبعض الأخر أخذ طريقه الى المكتبة Paul Hamlyn Library أو إلى البازارات الخاصة بالمتحف أو إلى صالات العرض أو قادما منها.حصلت على خريطة للمتحف والتي تشير إلى عدد كبير من صالات العرض التي تحوي مقتنيات لثقافات وحضارات شتى. واخترت أن أبدأ بصالات العرض الخاصة بمصر القديمة. ويبدو أنها لم تكن هي وجهتى وحدي, فبدا أنه كان الاختيار الأول لمعظم الزائرين. فكانت تلك الصالات هي الأكثر ازدحاما اذا ما قورنت بالصالات الخاصة بالحضارات الأخرى والتي تستطيع فيها أن تسمع وقع خطى الأقدام بعكس الصالات الخاصة بالآثار المصرية التي ولا أبالغ ان قلت أني وجدت صعوبة أحيانا لأفسح لي مكانا أمام احدى زجاجات العرض لأري ما تحويه من آثار.
هذا علاوة على طلبة المدارس الذين أفترشوا الأرض ملاصقين لزجاجات العرض ليرسموا بعض ما يشاهدونه من معروضات وهم في نشوة الفرح. وكثيرا ما كان يتجه بعضهم الى مدرسيهم يسألونهم في بعض ما يعتريهم من فضول تجاه بعض المعروضات.ولم يكن من الصعب أن أعرف ما اذا كنت في المكان الصحيح. فقد كان أول ما وقعت عليه عيني هو النصف العلوي الضخم لتمثال رمسيس الثاني أو كما يسمى the 'Younger Memnon' والذي يرجع الى حوالي 1250 قبل الميلاد. وما لبثت أن وقعت عيناي أيضا على رأس ضخم لـ أمنحتب الثالث Amenhotep III والذي يرجع إلى حوالي 1350 قبل الميلاد.
ولاقى حجر رشيد Rosetta Stone ازدحاما هائلا من الزوار والذي تم اكتشافه بعد غزو الفرنسيين مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 والذي يحوي نقوش نصية بثلاثة لغات: هيروغليفية و ديموطيقية ويونانية. فكان المفتاح لفك شفرة الكتابة الهيروغليفية لقدماء المصريين على يد العالم الفرنسي شامبليون Champollion عام 1822.وبعد أن تجولت بين المنحوتات المصرية التي تقف شامخة هائلة الحجم والقيمة, توجهت إلى صالات العرض التي تحكي قيمة الموت والحياة بعد الموت عند قدماء المصريين في الفترة من 2686 قبل الميلاد الى 395 ميلادي. فشملت المعروضات عديد من الأكفان والتوابيت و المومياوات من بني آدمين وحيوانات وأقنعة وقطع أثرية دفنت مع أصحابها.
وكان ما يلفت الانتباه مومياء لقطة ويرجح أنها ترجع إلى القرن الأول الميلادي . أما صالات العرض الأخرى فقد شملت مقتنيات لفترة ما قبل الأسر من حوالي 3100 إلى حوالي 2600 قبل الميلاد. وهناك أيضا بعض المقتنيات لبلاد النوبة وبعض المقتنيات المتعلقة بمصر القبطية وأثيوبيا من القرن الرابع الميلادي وحتى القرن الثامن الميلادي والتي شملت منسوجات ومنحوتات وقطع خزفيه.
كانت طريقة العرض تعكس تقدير عظيم من منظموا المتحف للمقتنيات المصرية والذين أفسحوا لها مساحات شاسعة ووفروا لها زجاجات عرض مناسبة هذا غير التنسيق المريح والمرتب للمعروضات. ومع ذلك لم تمض دقائق معدودة وأنا أخطو بقدمي داخل صالات العرض الا وبدأت أشعر بالاختناق, ليس من كثرة الزحام بل مما رأيته من حجم وكم الكنوز المصرية المعروضة والتي تعدت أحيانا معبداً أو مقبرة كاملة أو تابوت كامل بالمومياء مرفقة به أو جدار كامل منقوش بأجمل النقوش الفرعونية.
لا أدري لماذا ولكن استفزني ما رأيت من معروضات وبدأت أشعر بالغليان وأنا أسير في مكان تفوح منه عبق حضارة بلدي. وما زاد من استفزازي أن عديد من المعروضات كتب على بطاقة الشرح الخاصة بها أنها "هدية". ووجدتني أتساءل هدية من من ؟ ومتى؟ ولماذا؟ ومن يحق له أن يهدي من تراب وكنوز مصر؟ .
الحقيقة أني لم أتصور أني سأستفز بهذا الشكل وانه ستصيبني الغيرة من رؤية آثار مصر بهذا المتحف. وبالرغم أنني سبق لي زيارة المتحف المصري بالتحرير الا اني تساءلت: ماذا تركوا لنا؟ ما الذي سيحمس الانجليز وغيرهم من زوار المتحف لزيارة مصر غير رؤية الاهرامات والاستجمام في شرم الشيخ. هل ستتحول مصر إلى مجرد شاطئ؟.
ولن أتحدث كثيرا عن البازارات داخل المتحف التي شملت عديد من النماذج المصغرة لتماثل وآثار فرعونية وعلى رأسهم حجر رشيد والقط الفرعوني اللذان لاقا قبولا شديدا من قبل الزائرين. والحق ان القط الفرعوني وجدته منشرا في معظم البازارات الخاصة بالمتاحف الموجودة بأكسفورد ولندن ولم تكن هذه النماذج غالية الثمن فقط بل كتب عليها "صنع بالصين"!!.
كان الهدف الرئيسي لانشاء هذا المتحف هو عرض المقتينات الاثرية والمكتبة الضخمة التي جمعها السير هانس سلون Sir Hans Sloane في حياته وكان من بينها 150 قطعة أثرية مصرية فقط.
وذكر جيمس Keeper T. G. H. James المسئول السابق عن المقتنيات المصرية بالمتحف أن الاهتمام الحقيقي لاقتناء الكنوز المصرية بدأ مع حملة بونابرت على مصر عام 1798, وبعد هزيمته على يد الانجليز عام 1802 تم استحواز الجنود الانجليز على عديد من الأثار المصرية وعرضها في المتحف تحت اسم الملك جورج الثالث King George III وكان أشهرها حجر رشيد.
وعندما أصبحت مصر تحت حكم محمد على انفتحت أكثر على المجتمع الخارجي خاصة الأوروبي. فتكونت القنصليات الأجنبية المهتمة بتجميع القطع الأثرية والذي كان منهم هنري سولت Henry Salt الذي استطاع أن يجمع أكبر تشكيلة من القطع الأثرية مع عميله بيلزوني Belzoni والذي كان مسئولا عن إزالة النصف العلوي لرمسيس الثاني والذي تم عرضه بالمتحف عام 1817.
وبحلول عام 1866, وصلت المقتنيات المصرية بالمتحف إلى 10,000 قطعة أثرية. دعم المتحف عديد من الحفريات في مصر وبالتالي حصل على حصة من الاستكشافات. كان العمل ساري بهذا الشكل حتى تغير القانون الخاص بالآثار في مصر والذي علق السماح لجزء من الآثار أن تؤول الى المؤسسات المدعمة للحفريات. ويقول جيمس أن حجم المعروضات المصرية بالمتحف تعدت الـ 100,000 قطعة أثرية. وأن هذا الرقم سيستمر في الزيادة مع مرور السنين نتيجة للحفريات أو التبرعات أو من عمليات الشراء ويؤكد أنه لم يأتي الوقت بعد لتحديد الرقم النهائي لمجموع المقتنيات الخاصة بمصر القديمة. وهذا ما عجزت أن أفهمه!!غادرت المتحف البريطاني متأثرة ورحلت الى أكسفور وما أن قابلت زملائي حتى عبرت لهم عن استفزازي واستيائي مما رأيت, فضحكوا قائلين: "كنا متأكدين من هذا...فهل ستتركون آثاركم هكذا؟" سؤال لا أملك له اجابة.
أساليب الري تقوض أعمدة المعابد وتمحو النقوشآثار الفراعنة بصعيد مصر مهددة بالزوال في 10 سنوات بسبب "الفلاحين"
الزراعة زحفت إلى أماكن المعابد والآثار الفرعونية القديمة
قال علماء اثار الخميس 22-9-2005م ان النقوش المصرية القديمة التي تعود الى الاف السنين يمكن أن تختفي خلال عشر سنوات لان متطلبات المعيشة تكاد تقضي على محاولة الفراعنة للخلود، وأضافوا انه مع تزايد عدد السكان في مصر أصبحت الرقعة الزراعية أكثر قربا من اي وقت مضى من الاراضي المخصصة للمعابد القديمة والاثار. كما أن مياه الري تضعف أساسات المعابد وتمحو النقوش.
وقال نيجيل هيثرنجتون المتخصص في عمليات صيانة الاثار "لقد شهدنا ذلك. لدينا دليلا مصورا لشيء التقطنا له صورا قبل عشر سنوات وذهبنا والتقطنا صورا للنقوش الان وببساطة لم تكن موجودة"، وابلغ هيثرنجتون رويترز "ما يحدث ان الاراضي الزراعية تتمدد مع التزايد المثير في عدد السكان الى الصحراء والى الضفة الغربية للنيل عند الاقصر التي كانت يوما أرض الموتى في عهد الفراعنة".
ويقول علماء الاثار ان القوانين المصرية ضعيفة جدا أو أنها تطبق بشكل متفرق لردع المزارعين عن الاستيلاء على الارض ويمكن لهذا التاكل أن يضر بصناعة السياحة في مصر المصدر الرئيسي للعملات الاجنبية.
وأضاف علماء الاثار ان ملايين السائحين يتوافدون سنويا على مواقع الاثار مثل معبد رمسيس الثاني ومعبد الكرنك وهما معرضان للخطر من الزراعة.
وقال زاهي حواس أمين عام المجلس الاعلى للاثار في مصر "أنظر الى تمثالي امنحتب الثالث في الاقصر أو الى الرمسيوم. جميع الاراضي الزراعية بمنطقة الكرنك ... انها أمثلة على كيفية تدمير الناس لهذه الاثار، وأضاف "هذه الاثار هي أنقاض الان. المياه أتلفت النقوش".والمياه لا تقوض فقط أساسات المعابد ولكنها أيضا تمحو النقوش. وقال علماء الاثار ان الاحجار الجيرية في المعابد تمتص المياه الجوفية ومع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها تتكون بلورات الاملاح الموجودة في المياه
على سطح جدران المعابد لتمحو النقوش والرسوم الى أن يتشقق الحجر نفسه.
وحاولت الحكومة اغراء المزارعين باستخدام اسلوب الري بالتنقيط وهو نظام يستهلك أقل قدر من المياه ولكنها لم تحقق نجاحا يذكر لان الفلاحين يفضلون الطريقة التقليدية بغمر الارض بمياه النيل.
وقال علماء الاثار ان تجفيف المنطقة المحيطة بالاثار تعتبر أيضا حلا فعالا ولكنه مكلف للغاية كما ان المنح من المجتمع الدولي غير متوقعة. وعندما تعرض معبد ابو سمبل بجنوب مصر الى خطر الغرق أثناء انشاء السد العالى في سوان عام 1960 قادت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عملية انقاذ دولية ونقلت المعبد بكامله حجرا اثر حجر. وقال هيثرنجتون ان التاكل التدريجي على مدى سنوات ليس مثيرا بما يكفي لجذب الاهتمام الدولي. واضاف "المشكلة تتمثل في أنه ليس موضوعا مثيرا بما يكفي. عندما كان ابو سمبل على وشك الغرق كان لذلك تاثير حقيقي. كان الناس يستطيعون رؤية حجم البحيرة وأن المعبد على وشك الاختفاء. ولكن ما يحدث (الان) يمثل عملية بطيئة". ويعلق حواس اماله في الحفاظ على هذه الآثار التي مازالت تمثل واحدة من أعظم الحضارات في العالم على صدور تشريع أشد صرامة يفرض حظرا يحمي الأراضي المحيطة بالمواقع الأثرية من المزارعين الذين يحاولون الاستيلاء عليها دون تصريح. وقال حواس انه يعتقد ان القوانين الجديدة ستحال الى مجلس الشعب في يناير/ كانون الثاني، وأضاف "قوانين الاثار لا تعاقب أي شخص يستولي على أراض وهذا ما يفسر سبب تغييري للقانون الان... حتى يصبح الاستيلاء على أرض الاثار جريمة. هذا هو السبيل الوحيد لمنع هؤلاء الناس من الاستيلاء على مزيد من الأراضي للزراعة".
آثار مصر في حالة سيئة!
GMT 0:45:00 2004 الجمعة 12 نوفمبر
الاهرام المصرية
هالة أحمد زكي: في الآونة الأخيرة قفزت قضايا استرداد الآثار المصرية المسروقة إلي بؤرة الاهتمام.. ومن يوم لآخر تطالعنا الصحف بأحدث أخبارها, إلا أن هناك قضايا أخري تبدو خافتة الصوت بجانبها, مثل قضايا الترميم, والتعدي علي الآثار وفوضي استخدام الأثار الاسلامية, والاعتداء علي حرم الآثار في بعض المحافظات.
ولأن قضية سرقة الآثار, وغيرها من القضايا المتصلة بها مازالت محل تساؤلات, فقد كان لابد من مواجهة د. زاهي حواس ـ الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار ـ حول سرقة الآثار, وهل اصبحت تشكل ظاهرة؟
د. حواس: لا أوافق علي النظر إلي قضية استرداد الآثار علي أنها القضية الأساسية والوحيدة لدينا, فقضايا الآثار المستردة والسرقات التي تحدث وبشكل عام ليست إلا واحدة من خمس قضايا تهمنا داخل المجلس الأعلي للآثار, ولكنها قفزت إلي بؤرة الاهتمام ـ كما تقولين ـ نتيجة لمتابعة أجهزة الاعلام وإلقاء الضوء عليها أكثر مما يسلط الأضواء علي قضايا الآثار المصرية.
* إذن هناك قضايا مصيرية أخري يضعها المجلس ضمن أولوياته؟بالتأكيد وأول قضية هي تغيير شكل المتاحف من متاحف تقليدية مخزنية إلي متاحف لها صفة ثقافية تعليمية, ونحن الآن في طريقنا لإنشاء اثني عشر متحفا منها متحف شرم الشيخ ورشيد والسويس, وأود أن ألفت الانتباه إلي أن فكرة المتاحف المتخصصة مثل متحف اخناتون بالمنيا ومتحف الموازييك بالاسكندرية والمتاحف الموقعية مثل متحف التماسيح في كوم أمبو كلها متاحف سيكون لها دورها التعليمي والتثقيفي.
أما قضيتنا الثانية فهي إدارة المواقع الأثرية, فنحن الآن نهتم فقط بترميم أية مقبرة أو معبد, ولكننا ننظر لإدارة المواقع الأثرية كقضية للحفاظ علي الموقع ككل وهو مايعني وضع حد أمان للمكان ومركز زوار يتحدث عن تاريخ المنطقة ومعمل للترميم, وأهم مانقدمه للسائح هو إيجاد مسار له بمعني أننا نعد المنطقة ونهتم برصف الشوارع وطلاء بيوت الأهالي المجاورة للآثار, ونتوقع بعد العيد مباشرة بإذن الله أن يتحول هذا لواقع في جزيرة كلابشة ومعبدي ادفو ودندرة, وسيتم افتتاح هذه المعابد من مداخلها الأصلية, ونعمل الآن في الهرم وسقارة وجار عمل دراسات لأبيدوس وتل العمارنة, ولدينا بالفعل خطتنا التي سننفذها خلال العام ونصف العام المقبلين لنتمكن خلالها من الحفاظ علي المواقع الأثرية المهمة.
* ولكن ماهو الاجراء الأمثل للحفاظ علي هذه المواقع؟وضع حد الأمان بالشكل الذي تحدثت عنه.
* إذن يبدو أن قضية حماية الآثار لاتتنازل عن موقعها؟حماية الآثار قضية رئيسية وهي إحدي قضايانا الخمس ولهذا أنشأنا ثلاثين مخزنا متحفيا بإمكانيات عالية, وهذه المخازن مثلها مثل المتاحف ولكن الاختلاف انها لاتفتح أمام السائحين ولايزورها إلا علماء الآثار, ونحرص في هذه المخازن علي عرض الآثار بطريقة حضارية وهناك معمل للترميم والتصوير, والحراسة فيه إلكترونية, وهذه المخازن مهمة في قضية حماية الآثار. أما القضية الرابعة فهي قضية الوعي الآثري التي أعتبرها لاتقل أهمية عن أية مهمة آثرية أخري, فمن المهم أن يتعرف أولادنا علي تاريخنا, ولدينا الأن مدارس في القاهرة والاسكندرية, ولدينا مشروع لمحمول متحفي متنقل وهو ابتكار جديد يتعرف عليه الناس.
* نصل إلي القضية الأهم والخاصة باسترداد الآثار فكيف بدأت؟المسألة بدأت بتأسيس إدارة لاسترداد الآثار التي سرقت بعد اتفاقية اليونسكو لعام1972 والخاصة باسترداد مصر لأثارها المنهوبة.
* وقبل هذا؟اليونسكو تريدنا أن نسترد ماسرق بعد عام1972, وبالفعل أجرينا حصرا واسترددنا الكثير من الآثار, وفي نفس الوقت نتابع الآثار التي تباع في العالم كله, فمنذ وقت قريب كانت صالة في لندن تبيع قطعا آثرية مسروقة من متحف كلية الاداب وكانت صالة كرستي تبيع قطعة فريدة من الفن الفرعوني واسترددنا هذه الآثار, ويوجد تعاون بيننا وبين الحكومات ومثال علي هذا أن سويسرا مثلا وافقت علي استردادنا600 قطعة آثرية وقد حدث شيء مشابه في إنجلترا.
* أعتقد أن الأمر لايتوقف عند هذا الحد؟هناك إضافة وهي أنني عندما أبدأ في ترميم مقبرة أطلب عودة الآثار التي نهبت من هذه المقبرة كما حدث في مقبرة سيتي الأول التي خرجت منها أربع قطع مهمة لتستقر في متحف بأمريكا, وقد نجحنا في استردادها وأعدناها إلي المقبرة أثناء الترميم, وقد تكرر هذا الأمر والحقيقة أننا إذا لم نجد تعاونا بيننا وبين بعض الجهات نوقف البعثات العلمية.
* ولكن يبدو أن ماحدث قبل إتفاقية اليونسكو قضية مغلقة؟قبل اتفاقية اليونسكو نستخدم الكثير من الأساليب منها الضغط العلمي وأعتقد أنها تجدي, وأؤكد أن هناك قطعا أتمني أن تعود لأنها تمت للهوية المصرية فكيف تظل هذه القطع الفريدة خارج مصر. مثل رأس نفرتيتي وحجر رشيد فهما علامات مصرية؟
* وهل كانت هناك محاولات للاسترداد؟عندما بدأنا نلمح لاستعادة حجر رشيد وجدنا أن الدنيا انقلبت ولكن المسألة تتطلب التفاوض السلمي, وبالنسبة لرأس نفرتيتي فأثناء زيارتي الأخيرة لألمانيا, وعندما كنت أقوم بشرح الفن الذي تحمله رأس نفرتيتي أمام فخامة الرئيس حسني مبارك والمستشار الألماني قلت أن رأسها الموجود في متحف برلين خرج من مصر بطريقة غير قانونية, وعندما رغبت الحكومة المصرية في استردادها وارسلت وقتها لهتلر خطابا يحمل هذا المعني نصحه الألمان أن يري الرأس أولا, فأعجب به ورفض ارجاعه, ورغم أن هذه قصة معروفة هناك حقيقتان قد تصيب أن الناس بالخوف لأنهما غير واضحتين بالنسبة لهم, وهما أنه قبل عام1983 وصدور قانون الآثار كانت تجارة الأثار تتم بشكل عادي وان البعض كان يتعامل معها وكأنها صادرات إلي الخارج, أما الشيء الاخر فهو أنه عندما يعلن عن وجود ضبطية آثار فهذا يعني أنها كانت مسروقة من قبل وأنها تعود الينا.
* بمناسبة سرقة الأثار ذكرت الصحافة تورط بعض المواطنين المصريين فكيف وصل الأمر معهم في مجال القضاء؟القضاء موجود وبخير, وإن شاء الله سوف يصدر قانون الآثار بعد العيد بحيث تغلظ العقوبة, والجديد أنه لم يعد لأحد الفرصة لعمل نماذج طبق الأصل للآثار المصرية كما كان يحدث من قبل حتي لاتكون بابا آخر لتهريب الآثار, كما أن أن الخفير أبو نبوت نغيره بآخر لديه مؤهلات وهذه العملية تتم تدريجيا, وبالنسبة لتسجيل الآثار فهو يتم بطريقة علمية وقد تم اختيار أربعين آثريا مهندسا ومصورا وعقدت لهم دورة تدريبية لمتابعة عملية التسجيل العلمية الصحيحة.
* د. زاهي.. عفوا إذا كنت أعود معك لمناقشة فكرة متاحف المحافظات خاصة أن البعض يقول أن بعض القطع الآثرية قد اختفت مثلما حدث في واقعة إختفاء مائتي قطعة من متحف جامعة الزقازيق مثلا؟لا لم يحدث فقد اتضح بعد التحقيق أنه كتب في الدفتر أن الموجود نحو مائتي قطعة آثرية بينما كانوا في الأصل عشرين قطعة فقط, فلم تحدث سرقة في هذا المكان.
* بغض النظر عن هذه القضية فهناك مسألة عدم وجود متاحف في بعض المحافظات المهمة مثل محافظة القليوبية فما هي قصة متاحف المحافظات ؟عندما يكون لدينا متاحف في مرسي علم وشرم الشيخ والغردقة ورشيد والاسكندرية والأقصر والأسوان وسوهاج علي مستوي عال ستكون بلاشك متاحف مربحة ومدرة للدخل الذي يجعلني استفيد منه في خطتي الثانية والتي تتطلب استكمال بناء متاحف في محافظات اخري.
* هذا يعني أنها مسألة أولويات؟أعتقد أن المشكلة أننا نتحدث دائما عما يمكن أن نفعل اليوم ولكن الغد لاعلاقة لنا به وكأنه لايهمنا ولايدخل في حساباتنا, فأنا أعمل بخطة تتيح لمن يأتي بعدي أن يستكملها.
* سمعنا أخيرا عن تأسيس شركة قابضة للاستثمارات الثقافية والأثرية وستكون منها شركة لصيانة المتاحف؟هناك بالفعل شركة قابضة للاستثمارات وهذه الشركة تتابع مثلا عمل النماذج الأثرية التي لوعرضت ستدر علينا دخلا يصل الي نفس النسبة التي نحصل عليها من تذاكر الأثار, وهذا الاسلوب سوف يخدم الاثار لانني لا استطيع كحكومة ان ابيع أو اشتري وستكون لها حق إدارة المكتبات وتصوير الاثار بالتعامل مع أفضل المصورين لبيع هذه الصور للأجانب.
* هناك ما يؤخذ علي المجلس الأعلي للاثار وهو أن بعض الأماكن لاتنال نفس الاهتمام وكمثال علي هذا آثار فوه وهي تعتبر من أكبر المتاحف الاسلامية المفتوحة؟آثار مصر كلها في حالة سيئة, ونحن نعترف بهذا. ولولا مشروع القاهرة التاريخية لما شعرنا بأن شيئا يحدث, فالاثار مهملة منذ فترة ولا ادعي ان لدينا عصا سحرية ولكننا نبدأ بالاماكن التي يتردد عليها اكبر عدد من السائحين ولدينا مائة وعشرون مشروعا للترميم وحفظ الاثار.
* د.زاهي وماذا عن ملف اعادة الاثار المنهوبة التي اخذت من مصر اثناء العدوان علي سيناء؟ وما دور مصر بالنسبة لاثار فلسطين والعراق؟الاثار التي كانت مسجلة عادت كما اننا أرسلنا لليونسكو والجامعة العربية لندرب الكوادر الجديدة ولنشارك في الترميم ولكننا للأسف الشديد لم نتلق ردودا بالموافقة باستثناء وجود بعض الاثريين العراقيين الذين سوف نبدأ تدريبهم في يناير القادم.
علماء الآثار: هناك سرقات منظمة لمومياوات ملكية بالمتحف المصري
[10:17مكة المكرمة ] [25/07/2007]
المتحف المصري
كتب- محمد أبو دهبية
تزايدت في الفترة الأخيرة الشكوك حول وجود مخطط لتغيير وتبديل المومياوات الملكية الأثرية والتحف الموجودة بالمتحف المصري، وخاصةً أن المجلس الأعلى للآثار أعلن عن خطة ضمن مشروع ضخم أصدرته وزارة الثقافة لفحص ودراسة جميع المومياوات الملكية خلال خمس سنوات!! وهو ما يؤكد أن الخطة المشار إليها هدفها التغطية على سرقات حدثت بالمتحف ضاع على آثارها عدد من المومياوات الملكية، ومنها مومياء تحتمس الأول، بالإضافة إلى ما لم يكتشف حتى الآن من التحف الأخرى!!
وهو ما دفع علماء الآثار إلى مطالبة فاروق حسني- وزير الثقافة- بالتحقق من أصالة التحف الموجودة في المتحف المصري، وهل تم تبديلها بتحف غير أثرية أم لا؟! وكذلك عليه التأكد من أن المومياوات الموجودة بالقاعة الملكية بالمتحف هي أيضًا مومياوات ملكية، وخاصةً بعد تجريد مومياء الملك تحتمس الأول من القاعة الملكية، بعد أن ظلت أعوامًا طويلةً في القاعة الملكية، ثم جرى تجريده فجأةً من لقبه باعتراف الدكتور زاهي حواس- الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار- وذلك في المؤتمر الصحفي الذي شهده فاروق حسني وزير الثقافة.
وكانت مفاجأة كبرى، وهما يعلنان أن المومياء لشخص عادي وليس لملك؛ الأمر الذي طرح سؤالاً هو: هل تم سرقة المومياء الأصلية للملك تحتمس الأول؟! ومن يكون السارق؟! ولصالح من؟!
حواس أمام مومياء حتشبسوت والمرضعة الملكية
والأقرب هو أن المومياء تم تبديلها بمومياء أثرية لشخص عادي في غفلة من الزمن، وخاصةً أن المومياوات الأثرية الموجودة في مخازن القصر العيني أو مقابر البر الغربي أو البجاوات بالواحات الخارجة أو مقابر المزوقة بالواحات الداخلة أو مقابر بني حسن بالمنيا أو الكاب بإدفو ما أكثرها!!
وكان د. زاهي حواس قد فجَّر مؤخرًا المفاجأة الأولى، والتي أعلن فيها أن مومياء المرضعة الملكية التي كانت في المقبرة 60 بالبر الغربي بالأقصر، والتي تم نقلها إلى المتحف المصري، ما هي إلا مومياء الملكة حتشبسوت، وجاء ما أشار إليه تأكيدًا لما نشرته الصحيفة الناطقة بلسان وزارة الثقافة!!
الدور على مرنبتاح
لوح النصر
ويخشى علماء الآثار من تبديل مومياء مرنبتاح، وهو ابن رمسيس الثاني، وارتبط اسمه بلوح النصر المعروف بلوحة خروج بني إسرائيل الموجودة في المتحف المصري بالتحرير، وأصبح الخوف عليه متزايدًا من أن تصيبه رياح التغيير أو التبديل في غفلة أيضًا من الزمن، والدليل على ذلك هو ما حدث من قبل لوالده الملك رمسيس الثاني، والذي أصرت إسرائيل من قبل على معالجة موميائه بباريس دون أن يطلب منهم أحد ذلك!! وسبق أن نُفِي تمثال رمسيس الثاني منذ عدة أشهر إلى ميدان الرماية بالهرم وبعيدًا عن ميدانه المعروف بميدان رمسيس.
والذي يدعو للشك هو أن كتاب المومياوات الملكية الصادر من المجلس الأعلى للآثار عام 1994م "الطبعة الرابعة" كما ذكر البعض أشار إلى أسماء 12 مومياء ملكية بالمتحف المصري، منها الملك سقنن رع، أحمس، أمنحتب الأول، تحتمس الأول، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، رمسيس الأول، سيتي الأول، رمسيس الثاني، رمسيس الثالث، رمسيس التاسع، باي نجم الثاني، إضافةً إلى سبع مومياوات أخرى لملكات.
كما أشارت "الطبعة الرابعة" إلى دور بعضهم، وتجاهلت كليةً دور تحتمس الأول! !ولم تتكلم عنه كلمةً واحدةً والسؤال هنا هو: هل هذا التجاهل جاء صدفةً؟! وهل تم تبديل مومياء تحتمس الأول ابن أمنحتب الأول، الذي اختلف في تاريخه البعض.. هل هو من 1530 ق. م: 1520 ق. م، أم 1528 ق. م: 1510 ق. م؛ لأنه أول الملوك الفاتحين العظماء في الدولة الحديثة، والذي جعل إمبراطوريةً مصريةً تشمل جنوب الشلال الرابع إلى ما بعد نهر الفرات!! أم لأنه أول من بنى لنفسه مقبرةً في وادي الملوك؟! أم لما قام به من أعمال جليلة من إضافاتٍ وترميمٍ وحكاياتٍ وقصص تُشيد بوطنية المصريين في معابد الكرنك؟!
د. حجاجي إبراهيم
والجدير بالذكر أنه كان لكل مومياء المقبرة الصخرية الخاصة بها في وادي الملوك بطيبة، ولكن لصوص المقابر كانوا يسطون عليها، ففكر رؤساء الكهنة في الأسرة 21 في حمايتها فوضعوها في مقبرتين، وفي عهد الملك الليبي الجنسية المصري الهوية شوشنق "حما سيدنا سليمان" في الأسرة 22 ووضع المومياوات في مقبرة واحدة، هي مقبرة أمنوفيس الثاني، المعروف باسم "أمنحتب الثاني" في وادي الملوك، ثم أودعت أخيرًا في إحدى مقابر الأسرة 21 جنوب الدير البحري المسماه بـ "خبيئة الدير البحري"، وظلت تلك المومياوات مخبئةً هناك إلى أن عثر عليها أهالي القرنة عام 1875م، ثم آلت إلى مصلحة الآثار عام 1881م، ونقلت إلى المتحف المصري.
ويطالب عدد من أساتذة وعلماء الآثار والترميم- من بينهم د. حجاجي إبراهيم- بالتأكد ليس من المومياوات الملكية فحسب، بل من التحف الأثرية بالمتحف المصري بالتحرير نفسها؛ خشية أن تكون تعرضت هي الأخرى للتغيير في غفلة من الزمن، فتكون الأصول قد ذهبت ويكون لدينا النماذج!! لا سيما أن المزوِّرين يتقنون فنون التقليد والنماذج!!
تمثال رمسيس الثاني
يبحث علماء الآثار المصرية حاليا ما إذا كانوا سيعيدون بناء تمثال رمسيس الثاني العملاق في مدينة الأقصر أو سيبقونه معلما تاريخيا يشهد أن الرهبان المسيحيين في القرن الخامس حاولوا جاهدين طمس معالم هذا النصب الغرانيتي الخالد.وعلى بعد كيلومترات قليلة من وادي الملوك على الضفة الغربية من نهر النيل في الأقصر تشمخ بقايا هذا التمثال الضخم الذي يرجع تاريخه إلى 3200 عام بين جدران معبد فرعون الذي يرتمي هو نفسه في أحضان فناء معبد رمسيس الكبير الذي يضم أيضا مدرسة ومتاجر ومطابخ وسكن القساوسة.ولم يتبق من تمثال فرعون الحجري البالغ ارتفاعه 15 مترا والذي كان يوما ما يرتكز بكلتا يديه على ركبتيه، سوى الرأس والبدن والساقين مرتمية كلها في الفناء الأول للمعبد الملكي مع أكثر من 500 قطعة أخرى مختلفة الأحجام.ويقول عالم المصريات كريستيان ليبلانك من المعهد القومي الفرنسي للأبحاث العلمية والذي عمل في معبد رمسيس لمدة 12 عاما إن الاعتقاد السائد بادئ الأمر كان يذهب إلى أن التمثال انهار بسبب زلزال قوي ضرب المنطقة في السنة 27 قبل الميلاد.ويضيف أن علماء الآثار وجدوا بعد ذلك دليلا يثبت أن التمثال تعرض للكسر والسقوط في العهد المسيحي على يد الرهبان الذين شنوا حربا على عبادة الأصنام.وأكد أن رأس التمثال تعرض للضرب كما اعتاد المسيحيون الأوائل أن يفعلوا، وآثار الضرب بالمطرقة ظاهر في كل شبر من المكان مما يبين أن التدمير كان مقصودا.ويضم تمثال رمسيس أيضا بقايا كنيسة وعدد من الصلبان المسيحية القبطية. ويذكر أن هذا التمثال شيد في عهد الملك الفرعوني رمسيس الثاني الذي حكم مصر لأكثر من 60 عاما في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.ويثير مستقبل هذا التمثال العملاق تساؤلات جمة حول المسار السليم للعمل الأثري ومشاكل التمويل وما إذا كان ضروريا إضافة نصب آخر إلى الكنوز العديدة الموجودة في الأقصر أم لا.وتبدو الأجوبة على ذلك غير واضحة لأن وجود التمثال على الأرض يشكل حدثا تاريخيا وشهادة على الدمار الذي ألحقه الرهبان المسيحيون في ذلك الوقت بهذا النصب العظيم.